حريمهم اتهاما لهم بأنهم قد ارتدوا ومنعوا الزكاة فسار خالد وجرى من فعله ما اشتهر من الغلبة والغدر، الذي يضيق باستماعه الصدر على أنه روى عن الباقر عليه السلام وابن عباس و عمار رضي الله عنهما أن هذه الآية قد وردت في شأن الناكثين من أصحاب الجمل الذين جاهدهم علي عليه السلام بل الظاهر أن المراد من الآية ما هو أعم من ذلك بأن يكون خطابا لكافة المؤمنين في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وإعلاما منه تعالى أن منهم من يرتد بعد وفاته بالتساهل على وصيته وإنكارهم للنص عليه وذلك هو ما يقوله جمهور أصحابنا من أن دافعي النص كفرة والارتداد هو قطع الإسلام بما يوجب الكفر فيكون ذلك شاملا لأصحاب الجمل وغيرهم وهو قول علي عليه السلام يوم الجمل " ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم " ذلك حق وصدق فإن منكري إمامته من المتقدمين لم يقع بينه وبينهم قتال بل أول قتال وقع له بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله هو حرب الجمل ولذلك قال ما قال ومهما أمكن حمل الكلام على عمومه كان أولى ويدل على أن الارتداد بإنكار النص والقيام على مخالفة أمير المؤمنين عليه السلام ذكر أوصافه عليه السلام في متن الآية بقوله " يحبهم ويحبونه " فهو كقوله صلى الله عليه وآله له يوم الخيبر " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه ورسوله كرارا غير فرار " فإن الوصف بمحبته لله ومحبة الله له وصف مجمع عليه في علي عليه السلام مختلف فيه في أبي بكر ثم قال تعالى " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " ومعلوم بلا خلاف حالة أمير المؤمنين عليه السلام في التخاشع والتواضع عند غضبه وإيذائه ما رأى قط طائشا ولا مستطيرا في حال من الأحوال ومعلوم حال أبي بكر و عمر في هذا الباب أما الأول فلأنه اعترف طوعا بأن له شيطانا يعتريه عند غضبه وأما الثاني فكان معروفا بالحدة والعجلة مشهورا بالفظاظة والغلظة وأما النصرة على الكفار فإنما تكون بقتالهم وجهادهم والانتصاف منهم وهذه حال لم يسبق أمير المؤمنين عليه السلام
(٨٤)