أقول:
قد استدل أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم بالصحاح من هذه الأحاديث على حقية خلافة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام إذ لا قائل بانحصار الأئمة في هذا العدد سوى الإمامية فإن الإمامة والخلافة على ما دل عليه دليل العقل والنقل أن يكون الشخص المتصف بها معصوما منصوصا من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله فلا يقدح في ذلك عدم جريان أحكام بعض الأئمة عليهم السلام في الظاهر ولهذا قال عليه السلام مشيرا إلى الحسنين عليهما السلام " ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا " وبالجملة لا يقدح في مرادنا كونهم عليهم السلام منعوا الخلافة والمنصب الذي اختارهم الله له واستبد غيرهم به إذ لم يقدح في نبوة الأنبياء عليهم السلام تكذيب من كذبهم ولا وقع الشك فيهم لانحراف من انحرف عنهم ولا شوه وجوه محاسنهم تقبيح من قبحها ولا نقص شرفهم خلاف من عاندهم ونصب لهم العداوة وجاهرهم بالعصيان وقال علي عليه السلام " وما على المؤمن من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه ولا مرتابا بيقينه " وقال عمار بن ياسر رضي الله عنه " والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا إنا على الحق وإنهم على الباطل " وهذا واضح لمن تأمله قال السيد الفاضل رضي الدين علي بن طاوس رضي الله عنه في كتاب ربيع الشيعة: وإذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت أحاديث النص على عدد الأئمة الاثني عشر عليهم السلام كما نقلته الشيعة الإمامية ولم تنكر ما تضمنه الخبر فهو أدل دليل على أن الله تعالى سخرهم لروايته إقامة لحجته وإعلاء لكلمته وما هذا الأمر إلا كالخارق للعادة، والخارج عن الأمور المعتادة، لا يقدر عليه إلا الله سبحانه الذي يذلل الصعب، ويقلب القلب، ويسهل العسير، وهو على كل شئ قدير.
وأما استدلال هذا الشيخ الجامد بها على خلافة الثلاثة وعلي والحسن وبعض من بعدهم من بني أمية وبني العباس ففيه نظر من وجوه أما أولا فلمنع صحة الحديث الأول سيما وأول راويه عبد الله بن عمر الذي لم يعمل بحديثه أبو حنيفة قط كما مر سابقا بشهادة