إليها سابق ولا لحقه فيها لاحق ثم قال تعالى " يجاهدون في سبيل الله " وهذا وصف أمير المؤمنين عليه السلام مستحق له بالإجماع وهو منتف عن أبي بكر وصاحبه بالإجماع لأنه لا قتيل لهما في الإسلام ولا جهاد بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله وكذا قوله تعالى " ولا يخافون لومة لائم " فإن الخوف من لومة اللائم إنما كان يتوهم في قتال الناكثين والقاسطين والمارقين الذين كان أكثرهم من أصحاب سيد الأنام ومتظاهرين بالإسلام وأما قتال من زعموا أنه ارتد من العرب في زمان أبي بكر فلم يكن فيه توهم لوم اللائم حتى يوصف فاعله بعدم خوفه من ذلك وبهذا التفسير والتقرير سقط استدلاله بالآية على خلافة أبي بكر وهو ظاهر جدا ويزيده سقوطا أن فخر الدين الرازي قال عند تفسير هذه الآية " أن هذه الآية من أدل الدلائل على فساد مذهب الإمامية لأن الذين اتفقوا على إمامة أبي بكر لو كانوا أنكروا نصا جليا على إمامة علي عليه السلام لكان كلهم مرتدين ولجاء الله بقوم يحاربهم ويردهم إلى الحق ولما لم يكن الأمر كذلك بل الأمر بالضد فإن الشيعة مقهورون أبدا حصل الجزم بعدم النص " وأجاب عنه العلامة النيشابوري الشافعي في تفسيره بقوله " ولناصر مذهب الشيعة أن يقول ما يدريك أنه تعالى لا يجئ بقوم يحاربهم ولعل المراد بخروج المهدي هو ذلك فإن محاربة من دان بدين الأوائل هي محاربة الأوائل " ثم قال خوفا وتقية " إن هذا الجواب إنما ذكرته بطريق المنع لا لأجل العصبية والميل فإن اعتقاد ارتداد الصحابة الكرام أمر فظيع انتهى وفي عذره هذا أيضا إشارات لا تخفى على أولي النهى. وإذ عرفت مما ذكرناه وما لم نذكره من القرائن والآثار في شأن القوم الذين وصفهم الله تعالى بالصفة التي اشتق منها اسم نبيه فدعاه بنبيه فقد اطلعت على حقيقة النسبة التي بين النبي والولي وظهر لك أن إنكار الإمامة كإنكار النبوة وإنكار النبوة كإنكار ألوهية الله تعالى فعلم أن معرفة الإمام والاعتراف بحقه شرط الإيمان رغما لأنف من يتأنف عن ذلك
(٨٥)