أقول: امتناع إرادة المعتق والمعتق والحليف والجار ههنا ظاهر لا يحتاج إلى بيان وقد مر في آية تصدق الخاتم الدليل الدال على امتناع إرادة الناصر وكذا المحب اللازم له ههنا أيضا خصوصا بملاحظة ما هنا من خصوصية الزمان والمكان وأن النبي صلى الله عليه وآله لم ينزل في الحر الشديد ووسط النهار في مكان وزمان لم يكن نزول المسافر فيهما معهودا إلا لإبلاغ أمر عظيم كما يدل عليه أيضا التأكيدات المذكورة في الآية والحديث الوارد في شأن نزولها وكيف يجوز أن يجمع صلى الله عليه وآله الجمع العظيم في مثل تلك الحال وخطب على المنبر المعمول من الرحال ليعلم الناس من قرينة ما يعلمونه صلى الله عليه وآله وأوضح القرائن المقالية على امتناع حمل لفظ المولى على غير الأولى أنه لا يجوز أن يرد من الحكيم تقرير بلفظ مقصور على معنى مخصوص ثم يعطف عليه بلفظ محتمل إلا ومراده المخصوص الذي ذكره وقرره دون ما عداه نزيده بيانا وإيضاحا أنه لو قال أحد ألستم تعرفون داري التي في موضع كذا ثم وصفها وذكر حدودها فإذا قالوا بلى قال فاشهدوا أن داري وقف على المساكين وكانت له دور كثيرة لم يجز أن يحمل قوله في الدار التي وقفها إلا على أنها الدار التي قررهم على معرفتها ووصفها وكذا لو قال لهم ألستم تعرفون عبدي فلانا الفولي فإذا قالوا بلى قال لهم فاشهدوا أن عبدي حر لوجه الله تعالى وكان له عبيد سواه لم يجز أن يقال أنه أراد إلا عتق من قررهم على معرفته دون غيره من عبيده وإن اشترك جميعهم في اسم العبودية وإذا كان الأمر على ما ذكرناه ثبت أن مراد النبي صلى الله عليه وآله بقوله من كنت مولاه فعلي مولاه أنه أولى به وهو المعنى الأول الذي قدم ذكره وقرره بقوله ألست أولى بكل مؤمن ومؤمنة من أنفسهم ولم يجز أن يصرف إلى غيره من سائر أقسام ما يحتمله وذلك يوجب أن عليا عليه السلام أولى بكل مؤمن من نفسه بما
(١٨٢)