وللأحاديث بأسرها بل والناقل للقرآن في كل عصر من عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإلى هلم هم الصحابة والتابعون وعلماء الدين إذ ليس لنحو الرافضة رواية ولا دراية يدرون بها فروع الشريعة وإنما غاية أمرهم أن يقع في خلال بعض الأسانيد من هو رافضي أو نحوه والكلام في قبوله معروف عند أئمة الأثر ونقاد السنة فإذا قدحوا فيهم قدحوا في القرآن والسنة وأبطلوا الشريعة رأسا وصار الأمر كما في زمن الجاهلية الجهلاء وكيف يسع العاقل أن يعتقد كفر السواد الأعظم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع إقرارهم بالشهادتين وقبولهم لشريعة نبيهم صلى الله عليه وسلم من غير موجب للتكفير وهب أن عليا أفضل من أبي بكر في نفس الأمر أليس القائلون بأفضلية أبي بكر معذورين لأنهم إنما قالوا ذلك لأدلة صرحت به لهم وهم مجتهدون والمجتهد إذا أخطأ له أجر فكيف يقال حينئذ بالتكفير وهو لا يكون إلا بإنكار مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة عنادا كالصلاة والصوم. وأما ما يفتقر إلى نظر واستدلال فلا كفر بإنكاره وإن أجمع عليه على ما فيه من الخلاف وانظر إلى إنصافنا معشر أهل السنة والجماعة الذين طهرهم الله من الرذائل والجهالات والعناد والعصب والحمق والغباوة فإننا لم نكفر القائلين بأفضلية علي على أبي بكر وإن كان ذلك عندنا خلاف ما اجمعنا عليه في كل عصر منا إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ما مر في أول هذا الباب بل أقمنا لهم العذر المانع من التكفير ومن كفر الرافضة من الأئمة فلأمور أخرى من قبائحهم انضمت إلى ذلك فالحذر الحذر من اعتقاد كفر من قلبه مملو بالإيمان بغير مقتض تقليدا للجهال الضلال الغلاة وتأمل ما صح وثبت عن علي وأهل بيته من تصريحهم بتفضيل الشيخين على علي فإن هؤلاء الحمقى وإن حملوه على التقية المشومة عليهم فلا أقل من أن يكون عذرا لأهل السنة في اتباعهم لعلي وأهل بيته فيجتنب اعتقاد الكفر فيهم فإنهم لم يشقوا
(٢٩٥)