الشرعية رعاية الاحتياط بالتأمل والتوقف والمشاورة فلم لم يتأمل في أمر الخلافة إلى فراغ أهل البيت عليهم السلام وسائر بني هاشم من دفن النبي صلى الله عليه وآله حتى يشاورهم؟ بل سارع في ذلك وأخذ البيعة الفاسدة عن الناس فلتة كما أفصح عنه عمر بقوله " كانت بيعة بكر فلتة وقى الله شرها عن المسلمين " وقد مر. وأما ما ذكره آخرا من أن " طلبه انضمام آخر إلى المغيرة احتياط فقط " فهو مع أنه لا يقدح في مقصودنا ليس بمتعين أن يكون منظورا لأبي بكر لجواز أن يكون منظوره في اعتقاده لفسق المغيرة فقد روى الجمهور مستفيضا أنه شهد عليه بالزنا عند عمر بن الخطاب ولقن الرابع وهو زياد بن أبيه حتى تلجلج في الشهادة فدفع عنه الحد هذا ومع ذلك فهو راوي شطر من أحاديث القوم فلا تغفل عنه.
52 - قال: الخامسة زعموا أن عمر ذمه والمذموم من مثل عمر لا يصلح للخلافة وجوابها أن هذا من كذبهم وافتراءهم أيضا ولم يقع من عمر ذم له قط وإنما الواقع منه في حقه غاية الثناء عليه واعتقاد أنه أكمل الصحابة علما ورأيا وشجاعة كما يعلم مما قدمناه عنه في قصة المبايعة وغيرها،. على أن إمامة عمر إنما هي بعهد أبي بكر إليه فلو قدح فيه لكان قادحا في نفسه وإمامته. وأما إنكاره على أبي بكر كونه لم يقتل خالد بن الوليد لقتله مالك بن نويرة وهو مسلم ولتزوجه امرأته من ليلته ودخل بها فلا يستلزم ذما له ولا إلحاق نقص به لأن ذلك هو من إنكار بعض المجتهدين على بعض في الفروع الاجتهادية وهذا كان شأن السلف وكانوا لا يرون فيه نقصا وإنما يرونه غاية الكمال،. على أن الحق عدم قتل خالد لأن مالكا ارتد ورد على قومه صدقاتهم لما بلغه وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل أهل الردة وقد اعترف أخو مالك لعمر بذلك وتزوجه امرأته لعله لانقضاء عدتها بالوضع عقب موته، أو يحتمل أنها