لا يبالي بأحد حتى إنه قيل للشافعي رضي الله عنه ما نفر الناس عن علي إلا أنه كان لا يبالي بأحد فقال الشافعي إنه كان زاهدا والزاهد لا يبالي بالدنيا وأهلها، وكان عالما والعالم لا يبالي بأحد، وكان شجاعا والشجاع لا يبالي بأحد وكان شريفا والشريف لا يبالي بأحد أخرجه البيهقي وعلى تقدير أنه قال ذلك تقية فقد انتفى مقتضيها بولايته وقد مر عنه من مدح الشيخين فيها وفي الخلوة وعلى منبر الخلافة مع غاية القوة والمنعة ما تلى عليك قريبا فلا تغفل عنه انتهى.
أقول: يتوجه على ما رتبه تجحيرا على مذهبه من سقاطات المدر والحصا مدافع لا يحصى منها أن أبا جحيفة الذي اعتمد على روايته لم يكن من رجال الشيعة قطعا كما مرت الإشارة إليه سابقا وتوهم تشيعه من قوله " كان يرى أن عليا أفضل الأمة وأنه حزن من استماع خلافه حزنا شديدا " لا يجدي نفعا لأن إظهار ذلك أولا يجوز أن يكون احتيالا منه تحصيلا لالتفات بعض عوام الشيعة إلى تصديق ما يذكره بعد ذلك من أفضلية أبي بكر رواية عن علي عليه السلام وحيث لم يكن أبو جحيفة من زمرة شيعة علي عليه السلام فالتقية منه متجه سواء كان في الخلاء أو في الملاء وحينئذ كيف يستبعد من له أدنى عقل وفهم أنه لا مجال لتوهم التقية في هذا المقام، لولا عروض الخرافة والجمود التام، ثم الظاهر أن قوله " وفي خلافته " عطف على قوله " في الخلاء " وحينئذ لا يرتبط به قوله لأنه " قال في منبر الكوفة إلى آخره " لركاكة الاستدلال به على ما ذكر ولمنافاته ما ذكره أولا من أنه عليه السلام أدخله بيته وقال له ذلك الخبر إلا أن يكون قبل قوله " لأنه " واو عطف قد سقط من قلم الناسخ وحينئذ لا يوجد في الكلام ما يصلح لعطفه عليه إلا على تأويل بعيد ومع ذلك يصير حينئذ مأل هذا الدليل العليل متحدا مع ما ذكره قبله من أن عليا عليه السلام قال ذلك لأبي جحيفة في خلافته وعلى أي تقدير فإظهار علي عليه السلام ذلك في أيام