أقول: بعد تسليم صحة ما أخرجه أحمد لا دلالة فيه على بيعة سعد رضي الله عنه لأبي بكر بل الظاهر من كلامه أن كلا من قريش والأنصار صنف على حياله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لا طاعة لأحدهما على الآخر كما لا طاعة لأحدهما على الآخر كما لا طاعة لأمراء السلطان على وزرائه وبالعكس وأين هذا من الدلالة على البيعة بل الذي ذكره أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وآله في شأن الأنصار يدل على أن بيعة أبي بكر إذا لم يسلكه سعد مع كونه سيد الأنصار وسلك غيره يكون باطلا و بهذا يظهر أن حكم هذا الشيخ الجاهل بضعف ما حكاه ابن عبد البر ضعيف بل أجوف معتل.
20 قال: وفي رواية لابن سعد عن أبي بكر أنه قال في خطبة أما بعد فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره ووالله لوددت أن بعضكم كفانيه ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل ما عمل رسول الله صلى الله عليه وآله لم أقم به كان رسول صلى الله عليه وآله عبدا أكرمه الله بالوحي وعصمه به إلا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحدكم فراعوني فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني وإذا رأيتموني زغت فقوموني واعلموا أن لي شيطانا يعتريني فإذا رأيتموني عصيت فاجتنبوني انتهى أقول: لو كان كارها للخلافة لما سارع مع عمر إلى سقيفة بني ساعدة لاستجلابها ولما رضي بانتزاعها عن أهلها وهو علي عليه السلام ولما اغمض عن وقوع أصحابه على صدر المقداد وكسرهم سيف الزبير عند قولهم نحن لا نرضى بخلافة أبي بكر ولصبروا على فراغ أهل البيت عن دفن النبي صلى الله عليه وآله لأن النص أو الظاهر كان فيهم وأما إظهاره لوداده أن يكفيه غيره فهو اكذب من الأول وكان صادقا في ذلك لما ارتكبه من أول الأمر ولسلمه إلى من علمه متعينا له أو طرحه حتى يلتقطه