تالله ما جهل الأقوام موضعها * لكنهم ستروا وجه الذي علموا وأما ما نقله عن أبي حنيفة " من أن أصل عقيدة الشيعة تضليل الصحابة " فإن أراد به تضليل الصحابة الذين خالفوا عليا وغصبوا الخلافة منه بلا محاربة معه كالمشايخ الثلاثة ومن تبعهم في ذلك فهو صحيح لكن لا يستدعي ذلك أن يكون القول بالتكفير بالنسبة إلى غيرهم من الصحابة زائدا حادثا لا أصل له كما يشعر به عبارته، وإن أراد به الأعم ممن ظهر منه مجرد المخالفة وممن حاربه كطلحة والزبير ومعاوية وأتباعهم فغير صحيح لأن الشيعة عن آخرهم قائلون بأن مخالفي علي عليه السلام فسقة ومحاربيه كفرة كما قاله المحقق الطوسي طيب الله مشهده في كتاب التجريد فالفرق بين الشيعة والرافضة في ذلك كما ترى لأن الكل أتباع لأمير المؤمنين عليه السلام وتاركون للاعتقاد الباطل وإيهام الناصبة من لقب الرفض أنهم تركوا اعتقاد الحق تعنت وعداوة منهم للشيعة فلا يلتفت إليه كما مر نعم القول بتكفير جميع الصحابة باطل اتفاقا ولم يوجد من الشيعة من يعتقد ذلك إلى الآن كما لا يخفى. وأما ما ذكره من أن أبا كامل من الشيعة كفر عليا أيضا فهو شئ قد سبقه إليه صاحب المواقف وتفرد له عند تعداده لفرق الشيعة حيث قال " وأبو كامل يكفر الصحابة بترك بيعة علي ويكفر عليا بترك طلب الحق " انتهى كلامه ولا يخفى أن هذه فرية على الكاملية من الشيعة لأن نسبة تكفير علي عليه السلام إليهم كما هو مخالف لمفهوم تلقبهم بالشيعة مخالف أيضا لكلام من تقدمه من الأئمة المعتبرين المعتنين بتحقيق هذا الشأن كمحمد بن عبد الكريم الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل فإنه مع تقدمه في هذا الفن لم ينسب القول بتكفير علي عليه السلام إلى الكاملية بل قال إنهم طعنوا عليه بتركه لطلب حقه وشتان بين مفهوم الطعن و مفهوم التكفير ولهذا قد يقع كثيرا الاعتراض والعتاب من الخادم بالنسبة إلى مخدومه بل من المحب إلى محبوبه كما روي أنه لما سلم الحسن بن علي عليه السلام الخلافة إلى
(١٩٣)