لهما حينئذ ثم بين لهم بدعائه على هشام الذي هو والي زمنه وشوكته قائمة أنه إذا لم يتقه مع أنه يخاف ويخشى لسطوته وملكه وقوته وقهره فكيف مع ذلك يتقي الأموات الذين لا شوكة لهم ولا سطوة وأما إذا كان هذا حال الباقر فما ظنك بعلي الذي لا نسبة بينه وبين الباقر في إقدامه وقوته وشجاعته وشدة بأسه وكثرة عدته وعدده وأنه لا يخاف في الله لومة لائم ومع ذلك فقد صح عنه بل تواتر مدح الشيخين والثناء عليهما وأنهما خير الأمة ومر أيضا الأثر الصحيح عن مالك عن جعفر الصادق عن أبيه الباقر أن عليا وقف على عمر وهو مسجى بثوبه وقال ما سبق فما أحوج عليا أن يقول ذلك تقية وما أحوج الباقر أن يرويه لابنه الصادق تقية وما أحوج الصادق أن يرويه لمالك تقية فتأمل كيف يسع العاقل أن يترك مثل هذا الإسناد الصحيح ويحمله على التقية لشئ لم يصح وهو من جهالاتهم وغباواتهم وكذبهم وحمقهم وما أحسن ما سلكه بعض الشيعة المنصفين كعبد الرزاق فإنه قال " أفضل الشيخين بتفضيل على إياهما على نفسه وإلا لما فضلتهما كفى بي وزرا أن أحبه ثم أخالفه " ومما يكذبهم في دعوى تلك التقية المشومة عليهم ما أخرجه الدارقطني " إن أبا سفيان بن حرب رضي الله عنه قال لعلي بأعلى صوته لما بايع الناس أبا بكر يا علي غلبكم على هذا الأمر أذل بيت في قريش أما والله لأملأنها عليه خيلا ورجلا إن شئت فقال علي رضي الله عنه يا عدو الإسلام وأهله فما أضر ذلك للإسلام وأهله " فعلم بطلان ما زعموه وافتروه من أن عليا إنما بايع تقية وقهرا ولو كان لما زعموه أدنى صحة لنقل واشتهر عن علي إذ لا داعي لكتمه بل أخرج الدارقطني وروي معناه من طرق كثيرة عن علي أنه قال " والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا لجاهدت عليه ولو لم أجد إلا ردائي ولم أترك ابن أبي قحافة يصعد درجة واحدة من منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه صلى الله عليه وسلم رأى موضعي وموضعه
(٢٨١)