أبي بكر لبلال قل لهم إن النبي صلى الله عليه وآله أمر أن يكون أبو بكر إماما في الصلاة فشرعوا في الصلاة خلفه ولما اطلع النبي صلى الله عليه وآله على ذلك بادر إلى القيام فوضع إحدى يديه على منكب العباس وأخرى على منكب علي عليه السلام أو فضل وخرج إلى الجماعة ونحى أبو بكر عن المحراب وصلى بنفسه المقدسة مع الناس حتى لا يصير ذلك مؤديا إلى الفتنة التي وقعت آخرا بدونه أيضا وقد مر بعض الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة الدالة على تولي النبي صلى الله عليه وآله لإمامة الصلاة حينئذ بنفسه فتذكر، وأيضا لو سلمنا وجود القياس الصحيح فلا ريب في أن الإمامة إنما هي من الأصول ولهذا يذكر في الكتب المصنفة فيه فكيف يمكن إثباتها بالقياس الفقهي الذي لا يكون إلا في الفروع؟ وأما ما ذكره صاحب المواقف من أن مسألة الإمامة ليست من الأصول ومجمج فيه العلامة الدواني بأنه بالفروع أشبه فمعارض بما ذكره القاضي البيضاوي في مبحث الأخبار من كتاب المنهاج وجمع من شارحي كلامه أن الإمامة من أعظم مسائل أصول الدين التي مخالفتها توجب الكفر والبدعة وبما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين وغيره في غيره من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية " فإنه صريح في أن الإمامة من الأصول ضرورة أن الجاهل بشئ من الفروع وإن كان واجبا لا يكون ميتته ميتة جاهلية ولا يقدح ذلك في إسلامه وأيضا قد صرحوا بأن الإمامة صنو مرتبة النبوة وأن حقوق النبوة من حماية بيضة الإسلام وحفظ الشرع ونصب الألوية والأعلام في جهاد الكفار والبغاة والانتصاف للمظلوم وإنفاذ المعروف وإزالة المنكر إلى غير ذلك من توابع منصب النبوة ثابتة للإمامة لأنها خلافة ونيابة عنها وبالجملة لو لم تكن مسألة الإمامة مثل مسألة النبوة في كونها من أصول الدين، وكان يكفي فيها كما في سائر الفروع ظن المجتهدين أو تقليدهم
(٢٦٣)