معاوية جاء إليه قيس بن سعد بن عبادة من خلص شيعته وأخص أصحابه وخاطبه وعاتبه بقوله يا مذل المؤمنين فأخذ عليه السلام بيده ملاطفة وقرره عنده حتى سكن وجعه الحاصل من ذلك لشدة المحبة ونهاية الغبطة في شأن إمامه ومولاه وأمثال ذلك وأما ما ذكره " من زعم أبي كامل أن عليا عليه السلام أيدهم على كتمان النصوص وعلى ستر ما لا يتم الدين إلا به " فهو من كامل افترائه عليه لمخالفته مع ما نقلناه سابقا عن إمامة صاحب المواقف من أنه كفر عليا بترك طلب الحق ولعل مراد أبي كامل بترك طلب الحق ترك طلبه بالسيف لا بإظهار الحجة كيف وقد أجمع الشيعة قاطبة على صدور احتجاج علي عليه السلام على القوم مرارا كما مر مرارا وهذا كما يطعن الزيدية على إمامة من بعد الحسين من الأئمة الاثني عشر عليهم السلام بعدم خروجهم بالسيف ثم لا يخفى ما في تفسير قوله الذي نسبه إلى أبي كامل بقوله ثانيا أي لأنه لم يرو عنه قط أنه احتج بالنص إلى آخره من التمحل الواهي الذي يضحك منه الغبي والداهي. وأما ما ذكره من أنه قد اتخذ الملحدون كلام الشيعة ذريعة لطعنهم في الدين والقرآن ففيه أنه لا اختصاص لكلام الشيعة بذلك فقد اتخذ الملاحدة كثيرا من القرآن والحديث ذريعة إلى ذلك كما نقلها المفسرون مع إبطالها وقد قال تعالى في شأن القرآن " يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا " فلا لوم على الشيعة إن ضل بعض الملاحدة بكلامهم من غير فهم معناه والذهول عن مقتضاه وأما ما نسبه إلى الشيعة " من القول بارتداد جميع الصحابة بعد وفاة نبيهم إلا ستة أنفس " فعلى تقدير صحة نسبته إليهم لا يخالف مدلول ما ذكره من قوله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس " لأن الخيرية الماضية المدلول عليها بقوله " كنتم " لا تنافي الارتداد اللاحق الذي يدل عليه حديث الحوض المذكور في جامعي البخاري ومسلم والشيعة إنما ينسبون الارتداد إلى الصحابة الذين نكثوا عهد النبي عليه السلام وآله باتفاقهم على غصب الخلافة ومخالفة أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله ومع هذا
(١٩٤)