أهل مكة ولم يخرج أكثر صناديدهم من بيوتهم خوفا منه وفي حديث عن الباقر عليه السلام أنه لما قام علي عليه السلام أيام التشريق ينادي ذمة الله ورسوله بريئة ممن كل مشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت بعد اليوم عريان قام خداش وسعيد أخوا عمرو بن عبد ود فقالا وما تبرأنا على أربعة أشهر بل برئنا منك ومن ابن عمك ليس بيننا وبين ابن عمك إلا السيف وإن شئت بدانا بك فقال عليه السلام هلموا ثم قال: واعلموا أنكم غير معجزي الله الآية ولو سلم أن ولاية الحج لم تنسخ لكان الكلام باقيا لأنه إذ كان ما ولى مع تطاول الزمان إلا هذه الولاية ثم سلب شطرها الأفخم الأعظم منها فليس ذلك إلا تنبيها على ما ذكرناه وأما ما ذكره " من قوله بل أبقاه أميرا وعليا مأمورا " فهو كسائر كلماته مجرد دعوى لا يعجز أحد عن الإتيان بما يضادها وأما ما استدل به على عدم انفراد علي عليه السلام بالأذان من حديث البخاري فلا دلالة له على ذلك لأن أبا هريرة لم يكن عبدا ولا خادما ولا أجيرا لأبي بكر وإنما كان فقيرا من أهل الصفة قد صار رفيقا له في تلك السنة لأداء الحج فلو سلم أنه بنفسه لم يعاون مؤذني علي عليه السلام فغاية الأمر أن أبا بكر أشار إليه بذلك تالفا له عليه السلام وأما ما نقله عن أبي هريرة من أنه قال: فأذن معنا على يوم النحر إلى آخره فمكذوب بأنه لما اعترف سابقا بأن النبي صلى الله عليه وآله ولى عليا عليه السلام في أداء البراءة والأذان بها رعاية لعادة العرب فكان هو الأصل والعمدة في ذلك فكيف يتأتى لأبي هريرة أن يعكس الأمر ويجعل نفسه مع أبي بكر أصلا ويقول أذن معنا علي عليه السلام مع أن كذب أبي هريرة في أحاديثه مما ملأ الخافقين وقد دلت أحاديث أهل السنة على أن التهمة له بالكذب كانت معلومة بين الصحابة فمن ذلك ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث السادس والستين بعد المائة
(١٢٦)