لما قالوا استخلف علينا قال لا ولكن أترككم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج البزار أيضا ورجاله رجال الصحيح " ما استخلف رسول الله فاستخلف عليكم " وأخرجه الدارقطني أيضا وفي بعض طرقه زيادة " دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله استخلف علينا قال لا إن يعلم الله فيكم خيرا يول عليكم خيركم، قال علي كرم الله وجهه فعلم الله فينا خيرا فولى علينا أبا بكر " فقد ثبت بذلك أنه صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف وأخرج الدارقطني عن أبي حنيفة أنه لما قدم المدينة سأل أبا جعفر الباقر عن أبي بكر وعمر فترحم عليهما فقال له أبو حنيفة إنهم يقولون عندنا بالعراق إنك تتبرأ منهما فقال معاذ الله كذبوا ورب الكعبة ثم ذكر لأبي حنيفة تزويج علي بنته أم كلثوم بنت فاطمة من عمر وأنه لو لم يكن لها أهلا ما زوجه إياها فقال له أبو حنيفة لو كتبت إليهم فقال لا يطيعوني بالكتب وتزويجه إياها يقطع ببطلان ما زعمه الرافضة وإلا لكان قد تعاطى تزويج بنته من كافر على زعمهم الفاسد.
أقول: ما ذكره أولا من " أنه ما المانع للنبي صلى الله عليه وسلم في خطبته السابقة من التصريح بقوله هذا الخليفة بعدي " مردود بجريان مثله في حق الباري سبحانه فلينازع مع الله تعالى في أنه لم فعل ما يوجب حيرة المؤمنين وقال على سبيل الإطلاق والاجمال أقيموا الصلاة من غير تصريح بعدد الفريضة وعدد السنة ولا بتعيين الوقت ولم ينزل آية لبيان عدد ركعاتها وكيفية أدائها في السفر والحضر بل قال مبهما أقيموا الصلاة ليتحير أمة محمد صلى الله عليه وآله ثم قال: بذلك الأسلوب وآتوا الزكاة من غير تعيين النصاب فأوقع الاختلاف بين الفقهاء وأحوجهم في استنباط فروعها إلى الرأي والاجتهاد فأدى ذلك إلى تحقق ثلث وسبعين فرقة وقولا في أمة محمد صلى الله عليه وآله وكذا الكلام في باقي أركان الشريعة فإذا جاز مثل هذا الاجمال والابهام فيما ذكر لئلا يكون بعثة محمد صلى الله عليه وآله عبثا ويحصل بعده الفرق بين الجاهل والعالم فلو عدل النبي صلى الله