عن جابر وعن أبي سعيد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين يعني أبا بكر وعمر (انتهى).
أقول: لعل هذا الشيخ الجاهل إنما يبالغ في ذكر الكثرة من رجال هذا الحديث وتعدد طرقهم فيه اظهارا لفضله وكثرة تتبعه على المحدثين من أصحابه وإلا فلا يخفى على أحد أن ذلك لا ينجع في الاحتجاج على الشيعة فإن ذلك عندهم يوجب زيادة التهمة إلا الظن بالصحة وهو ظاهر، على أنهم كما قال صاحب كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة رووا حديثا آخر أبطلوا به هذا الحديث، وذلك أنهم رووا بإجماع منهم ومن غيرهم أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " أهل الجنة يدخلون الجنة جردا مردا مكحلين " فإذا كانوا كذلك فلا كهول هناك ليكونا سيديهم ولو كان هناك أيضا كهول كما زعموا هل كانت إمامة أبي بكر وعمر ورياستهما على الكهول دون الشباب والمشايخ أم كانت على الجميع؟ فإن قالوا: إنها كانت على الكهول دون غيرهم بانت فضيحتهم، وإن قالوا: بل كانت على جميعهم، قيل لهم: فالسيد في كلام العرب هو الرئيس وليس في الرياسة أجل من الإمامة فإذا كانا إمامين على الكهول وغيرهم فهما رئيسان على جميعهم وإذا كانا رئيسين على الجميع فهما سيدا الجميع وإذا كان الأمر كذلك فلا فائدة في قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) " هما سيدا كهول أهل الجنة " ولعمري لو كان ذلك منه صحيحا لبخسهما حقهما إذ قال: هما سيدا كهول أهل الجنة. وهما سيدا الكهول والمشايخ والشباب بزعمكم فهذا ما يشتغل به ذوقهم (انتهى) وقد يقال: معنى قوله " هما سيدا كهول أهل الجنة " أنهما سيدا الكهول الذين يدخلون الجنة، ولا يلزم منه كون بعض أهل الجنة كهولا حين كونه في الجنة وأقول يتوجه عليه مع ما مر في كلام صاحب الاستغاثة من لزوم نقص إمامتهم وقصرها على الكهول وقوع التعارض بينه وبين ما روى الجمهور في صحاح أحاديثهم أيضا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " وذلك