هؤلاء الجهلة الكذبة على الله ورسوله وعلى أئمة الإسلام ومصابيح الظلام أن هذه الأحاديث صحت عندهم قلنا لهم هذا محال في العادة إذ كيف تتفردون بعلم صحة تلك مع إنكم لم تتصفوا قط برواية ولا صحبة محدث ويجهل ذلك مهرة الحديث وسباقه الذين أفنوا أعمارهم في الأسفار البعيدة لتحصيله وبذلوا جهدهم في طلبه وفي السعي إلى كل من ظنوا عنده شيئا منه حتى جمعوا الأحاديث ونقبوا، عنها وعلموا صحيحها من سقيمها ودونوها في كتبهم على غاية من الاستيعاب ونهاية من التحرير وكيف والأحاديث الموضوعة جاوزت مئات الألوف وهم مع ذلك يعرفون واضع كل حديث منها وسبب وضعه الحامل لواضعه على الكذب والافتراء على نبيه صلى الله عليه وسلم ومن عجيب أمر هؤلاء الجهلة أنا إذا استدللنا عليهم بالأحاديث الصحيحة الدالة صريحا على خلافة أبي بكر كخبر " اقتدوا بالذين من بعدي " وغيره من الأخبار الناصة على خلافته التي قدمتها مستوفاة في الفصل الثالث قالوا هذا خبر واحد فلا يغني فيما يطلب فيه اليقين وإذا أرادوا أن يستدلوا على ما زعموه من النص على خلافة علي أتوا إما بأخبار لا تدل بزعمهم كخبر " من كنت مولاه " وخبر " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " مع أنها آحاد وإما بأخبار باطلة كاذبة متيقنة البطلان واضحة الوضع والبهتان لا تصل إلى درجة الأحاديث الضعيفة التي هي أدنى مراتب الآحاد فتأمل في هذا التناقض الصريح والجهل القبيح لكنهم لفرط جهلهم وعنادهم وميلهم عن الحق يزعمون التواتر فيما يوافق مذهبهم الفاسد وإن أجمع أهل الحديث والأثر على أنه كذب موضوع مختلق ويزعمون فيما يخالف مذهبهم أنه آحاد وإن اتفق أولئك على صحته وتواتر روايته تحكما وعنادا وزيغا عن الحق فقاتلهم الله ما أجهلهم وأحمقهم انتهى.
أقول: أما الحديث الأول فهو مذكور في مسند أحمد بن حنبل من عدة طرق بألفاظ متقاربة وكذا رواه الثعالبي في تفسيره وابن المغازلي في كتاب المناقب