الاستيعاب من علماء الجمهور عند ذكر أم كلثوم " إن عمر بن الخطاب خطب إلى علي عليه السلام ابنته أم كلثوم فذكر له صغرها فقيل له ردك فعاوده فقال: علي عليه السلام أبعث بها إليك فإن رضيت فهي امرأتك فأرسل بها فكشف عن ألية ساقها فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين للطمت عينك " انتهى. وما روى هذا الشيخ الناسي فيما سيجئ من كتابه هذا من أن عليا عليه السلام لما أبى عن إنكاح ابنته لعمر واستعذر بصغرها لم يكن يقبل منه ذلك العذر حتى الجاه إلى أن يريها إياه فأرسلها إليه فلما رآها عمر أخذ بها وضمها إليه وقبلها ثم اعتذر عن جانب عمر فيما فعله من الضم والتقبيل قبل وقوع العقد و التحليل بأنها. لصغرها لم تبلغ حدا تشتهي حتى يحرم ذلك ولولا صغرها لما بعث بها أبوها انتهى وإني لأقسم بالله على أن ألف ضربة على جسده عليه السلام وأضعافه على جسد أولاده أهون عليه من أن يرسل ابنته الكريمة إلى رجل أجنبي قبل عقدها إياه ليريها فيأخذها ذلك الرجل ويضمها إليه ويقبلها ويكشف عن ساقها وهل يرضى بذلك من له أدنى غيرة من آحاد المسلمين لولا علمه بأن الامتناع عن ذلك يؤدي إلى الوقوع فيما هو أعظم ضررا من هذا ومن هلاك نفسه وأولاده أيضا وهو خوف ثوران الفتنة بين المسلمين وارتداد الخلق وإفناء الدين فسلم عليه السلام وصبر واحتسب كما أمره رسول الله صلى الله عليه وآله فأنزل ابنته في ذلك منزلة آسية امرأة فرعون إذ الله يصف قولها " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين " ولعمري إن الذي كان قد ارتكبه فرعون في بني إسرائيل من قتل أولادهم واستباحة حريمهم في طلب موسى وما ادعاه لنفسه من الربوبية أعظم من تغلبه على آسية امرأته وتزويجه وهي امرأة مؤمنة من أهل الجنة بشهادة الله تعالى بذلك وكذلك سبيل الرجل مع أم كلثوم كسبيل فرعون مع آسية لأن الذي ادعاه لنفسه ولصاحبه من الإمامة ظلما وتعديا وخلافا على الله ورسوله بدفع الإمام الذي ندبه الله ورسوله لها واستيلائه على أمور المسلمين
(٢٠٠)