فقرأ بعد ذلك " تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى " وهذا عين الكفر وأي سب أعظم من نسبة الكفر إلى من قال الله تعالى فيه " وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى " ونسبوا آبائه إلى الكفر وأي سب أعظم من أن يقال للشخص يا بن الكافر بل سبوا الله تعالى حيث أسندوا جميع الموجودات من الحسن والقبيح إليه تعالى فجميع شر في العالم أو ظلم أو غير ذلك فهو صادر منه تعالى الله عن ذلك وإذا سب الإنسان غيره فقال أنت كافر كان معناه أنك أوجدت الكفر وفعلته فبأي شئ يسب الله تعالى بأعظم من ذلك وثانيا إن ذلك الشخص الذي ذكر هذا الشيخ الجامد أنه شق صفوف الجماعة وقال في شأن أبي بكر ما قال قد استدل على استحقاقه لما قال فيه " من أنه ظلم فاطمة عليها السلام في ميراثها إلى آخره " وقد أشرنا إلى إثبات مقدماته فيما مر فلو فرض أن شيئا من مقدماته كان نظريا في نظرهم يجب عليهم مطالبته بإثباتها والدليل عليها فلو عجز عن ذلك عومل معه بما شاء وأمن الضرر والضرار لا بأن يعدلوا عن ذلك تعصبا وحيفا ويكلف بالتوبة مما لا ذنب فيه، ويقتل بفتوى الفقيه المتعصب السفيه المتشبث بالأحاديث الموضوعة والأقاويل المضطربة المخترعة لهم جرأة على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله. وأما قوله " وهم يصلون الظهر ولم يصل إلى آخره " ففيه أنه لا حرج في عدم صلاته معهم كما يوهمه كلامه لجواز أنه تأسي في ذلك بمثل ما نقله قاضي خان الحنفي من عمل أكابر التابعين في زمان بني أمية بمثله حيث قال في كتابه الكبير الشهير " روى عن إبراهيم النخعي وإبراهيم بن مهاجر أنهما كانا يتكلمان عند وقت الخطبة فقيل لإبراهيم النخعي في ذلك فقال إني صليت الظهر في داري ثم رحت إلى الجمعة تقية فلذلك تأويلان أحدهما أن الناس في ذلك الزمان كانوا فريقين فريق منهم لا يصلي الجمعة لأنه كان لا يرى السلطان الجائر سلطانا وسلطانهم يومئذ كان
(٢٢٥)