مفصلا مشروحا. وأما ما ذكره في الجواب بقوله " ومنه أنه إنما ترك ذلك لعلمه بأن الصحابة يقومون به إلى آخره " ففيه أن النبي صلى الله عليه وآله قد بين كثيرا من الأمور التي هي دون أمر الإمامة بمراتب بل لا نسبة بينها وبينه مع علمه بأن أصحابه بل كل من يقوم بالمعروف يقوم به فظهر أن ما ذكره لا يصلح وجها للترك أصلا وبالجملة لا يداني شئ من الأحكام الفرعية عظم أمر الإمامة التي هي رياسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وقد صرح القاضي البيضاوي في بحث الأخبار من منهاج الأصول بأنها من أعظم أصول الدين وهو عندنا كذلك فلا وجه لقياس تركه على ترك بعض الأحكام الفرعية. وأما قوله " لو وجد نص لعلي لمنع به غيره " ففيه ما مر مرارا من أنه عليه السلام منع به بعد فراغه عن دفن النبي صلى الله عليه وآله لكن لم ينفع بعد خراب البصرة بسبق بيعة قريش على أبي بكر واتفاقهم في ذلك الغدر والمكر. وأما ما ذكره من منع أبي بكر الأنصار بخبر " الأئمة من قريش " فإنما اتفق لما أوقعوا في أوهامهم من أن الفرد الكامل المنصوص عليه بالخلافة من قريش قد تقاعد عنها وقعد في قعر بيته حزنا على النبي صلى الله عليه وآله أو لغيره من الأغراض. وأما ما ذكره من " أنه لم يقل أحد منهم عند طول النزاع في أمر الإمامة ما لكم تتنازعون فيها والنص الجلي قد عين فلانا لها؟ " فمردود بأن قريشا كتموا ذلك حسدا وعداوة لعلي عليه السلام. وأما الأنصار فللتوهم المذكور،. ثم إن أراد بطول النزاع طول النزاع يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله والبيعة على أبي بكر فيه فلتة فلا طول فيه وإن أراد طول النزاع المطوي في قلوب أهل البيت بعد تقرر البيعة على أبي بكر فقد مر أن عليا عليه السلام وجماعة من الصحابة نازعوا في ذلك ولم ينجع لسوء اتفاق معاندي قريش على أبي بكر فقالوا " لا عطر بعد عروس " وبالجملة الحديث الآتي الذي ذكره هذا الغافل صريح في تحقق النزاع فضلا عن
(١٧٠)