باطل أيضا كيف وعلي كرم الله وجهه معترف بأنه أشجع الصحابة فقد أخرج البزار في مسنده عن علي عليه السلام أنه قال " أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا: أنت. قال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر أنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لئلا يهوى إليه أحد من المشركين. فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوى إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس انتهى.
أقول: الحجة التي سماها الشيخ المحجوج المبهوت شبهة قطعية وجوابه عنه ضعيف لما يلوح على ما تشبث به من حديث البخاري وصحيحه من آثار الوضع أما أولا فلما مر من القدح في البخاري وصحيحه. وأما ثانيا فلأنه لا وجه لما ذكر فيه من عد سلمة تسع غزوات مع غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويكتفي بذكر من كان عليها في مرتين منها وبالجملة مرة أسامة مشهورة فليبين أوليائه أن مرة أبي بكر في أي بعث كانت؟ وأظن أن بيانه أصعب من خرط القتاد لو لم يرتكبوا وضعا آخر. وأما ما ذكره من دعوى ولاية أبي بكر للحج فسيأتي ما فيه في الشبهة الثانية فانتظر. وأما ما ذكره من اعتراف علي عليه السلام بأن أبا بكر أشجع منه فهو من اغرب المحال، وأكذب المقال، الذي تكاد تنشق منه الجبال، وفي ألفاظه من المجمجة التي لا تصدر عن الفصيح ما لا يخفى على من جاوز قليلا عن حد الأطفال، وأغرب من الكل أنه جعل اختياره لكونه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العريش شجاعة مع ظهور أن ذلك كان تسترا عن المبارزة خوفا وجبنا كما صرح به ابن أبي الحديد المعتزلي. في بعض قصائده المشهورة وبالجملة الوجه في احتباس أبي بكر في العريش معروف لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يعهد منه الجبن والهلع لما ظهر في مقام