انتهى إذ يعلم من هذا أن مجرد ظهور أدلة الشيعة على الإمامة ونحوها من مطالبهم في نفس الأمر لا يوجب عدم خفائها على أهل السنة وكذا بالعكس وبعبارة أخرى لا وجه لأن يقال لو كان الأمر كما عليه الشيعة لما جاز على خلق كثير من علماء أهل السنة مثلا أن لا يتفطنوا بمدلول ذلك الدليل ولا يهتدوا به إلى الحق ولنعم ما قال عارف الشيراز:
شعر زاهد ار راه برندى نبرد معذور است * عشق كاريست كه موقوف هدايت باشد فلا بد لكل من الفريقين من الفحص عن أدلة الآخر بل المباحثة والمناظرة معه حتى يتقرر له الدليل ويتضح عليه السبيل وكل من رام الحق بدون ذلك فهو في تضليل ولعله كما قال النيشابوري قد سبق كتاب من الله في أن لا ينال أهل السنة مدلول دليل أهل الحق على إثبات الحق فتأمل هذا وقد مر أن من شرط حصول العلم التواتري لسامع الخبر أن لا يكون السامع ممن سبق إلى اعتقاده نفى مخبره بشبهة أو تقليد فمتى كان السامع كذلك لا يحصل له العلم لمخبر الخبر المتواتر. لا يقال: فعلى هذا الشرط يجب أن لا يحصل لمن سبق إلى اعتقاده نفى مكة العلم بوجودها لأنا نقول مادة النقض غير متحققة إذ لا داعي ههنا إلى سبق اعتقاد النفي فلا يطرء فيه شبهة. وأما ما ذكره من " أنه كيف ينفرد الشيعة بعلم صحة تلك مع أنهم لم يتصفوا قط برواية ولا صحبة محدث ويجهل ذلك مهرة الحديث إلى آخره " ففيه أنه إن أراد أنهم لم يتصفوا برواية وصحبة لمحدث من أهل السنة فعلى تقدير تسليمه وجهه ظاهر لحصول المعاندة بينهم على وجه يتقي الشيعة منهم، وإن أراد روايتهم من أكابر شيعتهم وصحبتهم مع المحدثين منهم أنفسهم فلهم بحمد الله تعالى أكابر فضلاء، محدثون علماء، وقد دونوا في الحديث النبوي والإمامي من نفائس الكتب ما يزيد على الأصول الستة لأهل السنة فمن تلك الكتب الجامع المسمى