يتوجه على ما أطال فيه الكلام، بما يدل على انسلاخه عن فطرة أولي الأحلام، وجوه من الكلام، وضروب من الطعن والملام.
أما أولا فلما مر من أن الكلام في مطلق الإجماع خصوصا في دعوى انعقاده على خلافة أبي بكر وأفضليته طويل، وأنه لأهل السنة في تحقيقه فزع وعويل، ولنقرر حاصله ها هنا بعبارة أخرى، هي أضبط وأحرى، وهو أنهم أجمعوا على أن لا دليل لهم في المقامين سوى الإجماع وقد عرفوا الإجماع في كتبهم كالمحصول للرازي والمنهاج للبيضاوي والمختصر لابن الحاجب وغيرها بأنه اتفاق جميع أهل الحل والعقد يعني المجتهدين على أمر من الأمور في وقت واحد وقد بحثوا فيه من وجوه أكثرها مذكور شرح المختصر للقاضي عضد الإيجي فقالوا: هل الإجماع أمر ممكن أو محال؟ وعلى تقدير الإمكان هل هو متحقق أو لا؟ وعلى تقدير التحقق هل يمكن العلم به أم لا؟ وعلى تقدير العلم هل يمكن إثباته بالنقل أم لا؟ وعلى تقدير الإثبات هل يصير حجة ودليلا أم لا؟ (1) وعلى تقدير صيرورته حجة إذا لم ينته ثبوته إلى حد التواتر هل يصير حجة أم لا؟ وقد وقع الخلاف من علماء أهل السنة في كل من هذه المراتب فيجب إثبات كل من ما وقع أحد طرفي الترديد في هذه المراتب حتى يثبت خلافة أبي بكر وأفضليته وليت شعري إن من لم يكن قائلا بشئ من ذلك كيف يدعي حقيقة إمامة أبي بكر وأفضليته قطعا أو ظنا ثم بعد ذلك يوجد خلاف آخر وهو أنه هل يشترط في حجية الإجماع أن لا يبقى من الجماعة التي أجمعوا إلى ظهور المخالف وأن لا يخالفهم أحد إلى موت