فضائله، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على بلدان الإسلام في شرق الأرض وغربها واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتخويف عليه ووضع المعائب والمثالب ولعنوه على جميع المنابر وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكرا حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة. انتهى ولا يخفى أن مراده بقوله " ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله " إنه لم يمكن ذلك لجميع الأعداء كما يدل عليه قوله آخرا " إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة " وقال صاحب الفتوح في فتح من أول كتابه " إن ههنا أخبارا أخر لم نذكرها لئلا يجعلها الشيعة متمسكا لهم " وكم مثل هذه في بطون كتبهم... فتأمل وأنصف.
43 - قال: نعم روي آحادا خبر (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) وخبر (من كنت مولاه فعلي مولاه) وسيأتي الجواب عنهما واضحا مبسوطا، وأنه لا دلالة لواحد منهما على خلافة علي لا نصا ولا إشارة وإلا لزم نسبة جميع الصحابة إلى الخطأ وهو باطل لعصمتهم من أن يجتمعوا على ضلالة فإجماعهم على خلاف ما زعمه أولئك المبتدعة الجهال قاطع بأن ما توهموه من هذين الحديثين غير مراد أن لو فرض احتمالهما لما قالوه فكيف وهما لا يحتملانه كما يأتي فظهر أن ما سودوا به أوراقهم من تلك الأحاديث لا يدل لما زعموه واحتمال أن ثم نصا غير ما زعموه يعلم علي عليه السلام أو أحد من المهاجرين أو الأنصار باطل أيضا وإلا لأورده العالم به يوم السقيفة حين تكلموا في الخلافة أو فيما بعده لوجوب إيراده حينئذ وقولهم " ترك علي عليه السلام يراده مع علمه به للتقية باطل " إذ لا خوف يتوهمه من له أدنى مسكة وإحاطة بعلم أحوالهم في مجرد ذكره