لأنهم لم يقولوا أن المولى وضع لمعنى الإمام ابتداء بل قالوا إنه وضع لمعنى الأولى بالتصرف والأولى بالتصرف لا يكون إلا النبي أو الإمام كما أن الإنسان موضوع للحيوان الناطق وهو صادق على زيد وعمرو وبكر وغيرهم من الأفراد لا أنه موضوع لكل منها على أنه قد ساعدنا الشارح الجديد للتجريد على كون ذلك معهودا حيث قال: إن استعمال المولى بمعنى المتولي والمالك للآمر والأولى بالتصرف شائع في كلام العرب منقول عن أئمة اللغة والمراد أنه اسم لهذا المعنى لا صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنه ليس من صيغة اسم التفصيل وأنه لا يستعمل استعماله وينبغي أن يكون المراد في الحديث هذا المعنى ليطابق صدر الحديث أعني قوله " ألست أولى بكم من أنفسكم " انتهى كلامه وبه يندفع أيضا الاعتراض الآخر الذي يذكره الشيخ الجاهل بعيد ذلك فلا تغفل وأما قوله " فالغرض من التنصيص على موالاته اجتناب بغضه،. إلى آخره " فمشتمل على تمويهات لصرف الحديث عما هو صريح في الدلالة عليه من أولوية التصرف لما مر من ظهور أن الأولى بالتصرف في أمور الناس من أنفسهم بعد النبي صلى الله عليه وآله ليس إلا الإمام وما نقله عن الطبراني إنما يرشد إلى ما ذكرناه عند الرشيد. وأما ما نقله عن الجزري في سبب الخطبة التي نقلها الطبراني فمردود بما أسبقناه من الطرق المتفق عليها للحديث الناطق بأن السبب في ذلك إنما كان نزول الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله بإظهار فضائل علي عليه السلام ومناقبه وولايته ووجوب طاعته على الخلق ومدخول بأن الإنكار على بريدة والاعتراض عليه في شكاية علي عليه السلام قد وقع عنه ص قبل ذلك وعند مراجعته مع علي عليه السلام من اليمن كما نقله هذا الشيخ الناسي في فضائل علي عليه السلام من كتابه هذا حيث قال وكذلك وقع لبريدة أنه كان مع علي في اليمن فقدم مغضبا عليه فأراد شكايته بجارية أخذها من الخمس فقيل له أخبره ليسقط على من عينه ورسول الله
(١٨٤)