بإسناده أن الذي جاء بالصدق محمد صلى الله عليه وآله وسلم وصدق به علي بن أبي طالب عليه السلام وأما نزول ذلك في شأن أبي بكر فهو شئ قد تفرد به فخر الدين الرازي الصديقي بمجرد ملاحظة مناسبة التصديق المذكور في الآية لما وضع أولياء أبي بكر من لقب الصديق عليه وهذا دأب الرجل في تفسير كثير من الآيات كما لا يخفى على المتتبع البصير ولا ينبئك مثل خبير،. ولو حاولوا إثبات وجود رواية نزول الآية في شأن أبي بكر في شئ من كتب المتقدمين على الرازي ومن تبعه كابن عساكر بلا استعمال كذب ومين، لرجعوا بخفي حنين. ومن وقاحات الرازي أنه لم يكتف في ذلك بالكذب على الله تعالى حتى وضع ذلك على لسان علي عليه السلام قاصدا به سد باب تجويز القاصرين من الناظرين كون ذلك واردا في علي عليه السلام ثم لدفع التهمة التي غلبت على الكاذب الخائن الخائف نسب ذلك إلى المفسرين على الإجمال، ولكن الذكي الفطن لا يخفى عليه حقيقة الحال، ويدل على عدم ورود الرواية في شأن أبي بكر وعلي وصول الرواية الدالة على أن المراد بالآية هو على إلى الرازي ما ذكره بعد ذلك حيث قال: إن هذا يتناول أسبق الناس إلى التصديق وأجمعوا على أن الأسبق الأفضل أما أبو بكر وأما علي لكن هذا اللفظ على أبي بكر أولى لأن عليا رضي الله عنه كان في وقت البعث صغيرا فكان كالولد الصغير الذي يكون في البيت ومعلوم أن إقدامه على التصديق لا يفيد لمزيد قوة وشوكة في الإسلام فكان حمل هذا اللفظ على أبي بكر أولى انتهى ووجه دلالته على الأمرين بل على ما ذكرناه من أنه بني على مجرد المناسبة أنه لو كان هناك رواية في شأن أبي بكر لذكرها ولما احتاج إلى تكلف الاستدلال المذكور ولا إلى ذكر علي عليه السلام فيه ولو على سبيل الاحتمال،. على أن الاستدلال المذكور كسائر تشكيكاته ظاهر البطلان لأن درجة النبوة أعلى مرتبة الإسلام (خ ل: الإيمان) وإذا جاز نبوة الصبي كان صحة إيمانه أجوز وقد قال تعالى
(٣١١)