أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " وقال تعالى " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " ثم أقول يمكن أن يستدل على عدم جواز تفضيل المفضول بقول أبي بكر " أقيلوني فإني لست بخيركم وعلي فيكم " فاحفظ هذا فإنه بذلك حقيق وثالثا إن ما ذكره من التعليل العليل بقوله " ولأن عمر جعل الخلافة الخ " قد مر ما فيه مع ابتنائه على مجرد حسن الظن الذي لا يغني من الحق شيئا ورابعا إن قوله " والمعنى في ذلك أن غير الأفضل قد يكون أقدر منه الخ فيه أنه إن عني بالأقدر المذكور فيه أنه لا يعرف مصالح الدين لكنه أقدر على إقامتها فهذا لا يسمن ولا يغني من جوع لأن إقامة مصالح الدين فرع العلم وهو ظاهر وإن عني به أنه أقدر بإقامتها مع العلم من غير احتياج واستناد إلى استعلامها عن غير فهو خلاف المفروض لأن مثل هذا الشخص ليس بمفضول في العلم بل أقل الأمر أن يكون مساويا لغيره وأما مجرد معرفة تدبير الملك وانتظام حال الرعية فلا يجدي في الدين لأن ذلك التدبير والانتظام يجب أن يكون على الوجه الشرعي الخالي عن شوائب الجور والظلم الذي لا يحصل إلا ممن اتصف بالعلم والعفة والزهد والشجاعة بل بالعصمة كما سنحققه دون الوجه العرفي السياسي الحاصل من معاوية الباغي وجروه يزيد والوليد الجبار العنيد الذي استهدف المصحف المجيد والحجاج الظالم الفاتك الشديد واللص المتغلب الدوانيقي ونحوهم من كل شيطان مريد فإنهم كانوا يدفعون الفتنة الموهومة على الملك والرعية وعلى خصوص سلطنتهم وجاههم بقتل كل متهم وصلب كل عدو مظنون وإحراق بيوتهم وبيوت أقوامهم وجيرانهم وضرب أعناقهم إلى غير ذلك من العذاب والنكال بلا ثبوت ذنب
(٤٥)