الموالي (الآية) بخلاف المال فإنه يخص إرثه بالولد عند وجوده دون الموالي من بني العم فإذا وصل إلى الولد المرضي حصل الأمن من فساد الموالي السوء له وأما ما ذكره من " إنه لم يحك أحد أنه كان لزكريا مال حتى يطلب ولدا يرثه " ففيه أن من حمل الإرث على حقيقة من إرث المال حكى ذلك مع أن عدم الحكاية لا يقتضي حكاية العدم فافهم وأما ما ذكره من " أن مقام النبي صلى الله عليه وسلم يأبى طلب ذلك،. إلى آخره " فيرد عليه إنا قد ذكرنا أن الموالي كانوا مفسدين أشرارا خاف عليه السلام صرفهم لماله في معصية الله عز وجل فليس في طلب الوارث المرضي لدفع هذه المفسدة ما ذكره هذا الشيخ المفسد من مفسدة قصد حرمان العصبة ولا غيرها فهو في حكمه بأن من طلب الولد لغير ذلك كان ملوما مذموما ملوم مذموم مدحور، على مر الدهور.
58 - قال: الثامنة زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على الخلافة لعلي إجمالا قالوا: لأنا نعلم قطعا وجود نص جلي وإن لم يبلغنا لأن عادته صلى الله عليه وسلم في حياته قاضية باستخلاف علي على المدينة عند غيبته عنها حتى لا يتركهم فوضى أي متساوين لا رئيس لهم فإذا لم يخل بذلك في حياته فبعد وفاته أولى وجوابها مر مبسوطا في الفصل الرابع بادلته ومنه إنما ترك ذلك لعلمه بأن الصحابة يقومون به ويبادرون إليه لعصمتهم عن الخطأ اللازم لتركهم له ومن ثم لم ينص على كثير من الأحكام بل وكلها إلى آراء مجتهديهم على أنا نقول: انتفاء النص الجلي معلوم قطعا وإلا لم يمكن ستره عادة إذ هو مما تتوفر الدواعي على نقله. وأيضا لو وجد نص لعلي لمنع به غيره كما منع أبو بكر مع أنه أضعف من علي (رضي الله عنه) عندهم الأنصار بخبر " الأئمة من قريش " فأطاعوه مع كونه خبر واحد وتركوا الإمامة وادعائها لأجله فكيف حينئذ يتصور وجود نص جلي يقيني لعلي وهو بين قوم لا يعصون خبر الواحد في أمر الإمامة وهم من الصلابة في الدين بالمحل الأعلى