إنما هو لكونه عادة حالة تضرر باستعمال الماء فيكون كناية عن التضرر بالاستعمال. كما إن ذكر السفر إنما هو باعتبار إن السفر في تلك الأزمنة في مثل الجزيرة العربية كان حالة فقدان للماء عادة فهو كناية عن هذا المعنى ولا موضوعية له كما توهم بعض المفسرين (١).
الثاني: إن ظاهر الآية بحسب صدرها وإن كان يقتضي عموم الامر بالوضوء والغسل لحالة التضرر باستعمال الماء، إلا إنه يتحدد بمقتضى قوله في نهاية القسم الأول منها ﴿وإن كنتم مرضى أو على سفر﴾ (٢) لان التفصيل قاطع للشركة وبذلك يكون عدم الضرر قيدا مأخوذا في موضوع الامر بالوضوء والغسل.
الثالث: إن الامر بالوضوء والغسل في الآية ليس أمرا نفسيا بل هو أمر مقدمي لتحقق المأمور به الذي هو الصلاة مع الطهارة، أما على أنهما بأنفسهما طهور أو لكونهما محصلين للطهارة كما هو الأظهر على ما يشير إليه التعبير عن الغسل بقوله: ﴿فاطهروا﴾ (٣) وما جاء في ذيلها ﴿ولكن يريد ليطهركم﴾ (4).
وعلى ضوء هذا فتحديد الامر بالوضوء والغسل بحالة عدم الضرر يعني فسادهما في هذه الحالة لأنه يقتضي عدم وفائهما بتحقق المأمور به - وهو الصلاة مع الطهارة - أو قل عدم وفاتهما بتحقق شرطه وهو الطهارة.
ويلاحظ إن الغسل المذكور في الآية وإن كان هو غسل الجنابة لكن يجري ذلك في سائر الأغسال بلحاظ اتحاد هذا الغسل وغيره في الحكم،