وذهب المحقق النائيني (قده) إلى الثاني واستغرب كلام الشيخ في ذلك قائلا: (ومن الغريب ما أفاده شيخنا الأنصاري من أن عدم انطباق التعليل على الحكم المعلل به لا يخل بالاستدلال، فإن ذلك يرجع إلى أن خروج المورد لا يضر بالعموم فيتمسك به في سائر الموارد، مع أنك خبير بأن عدم دخول المورد في العموم يكشف عن عدم إرادة ما تكون العلة ظاهرة فيه، وهذا مرجعه إلى الاعتراف بإجمال الدليل) (1).
وهذا هو الصحيح وتوضيحه: إن معنى الكلام إنما يستقر ويتحدد في ظل تفاعله الدلالي مع جميع ما يتصل به من ملابساته وشؤونه، فلابد في تعيين معنن كتفسير للكلام من ملاحظة مجموع هذه العوامل، ومن المعلوم أن التعليل والحكم المعلل به - أو الكبرى والتطبيق - ليسا معنيين مستقلين في الكلام حتى ينفصل مصيرهما الدلالي، ويقتصر إجمال أحدهما على نفسه من دون أن يتجاوز إلى الاخر، بل هما معنيان مترابطان يعتبر كل منهما من ملابسات الاخر، فلا يتم لأحدهما معنى أو تحديد إذا لم يكن ذلك منسجما مع الثاني. ولذا يكون عموم العلة وخصوصها موجبا لعموم الحكم وخصوصه، وعلى هذا فإذا كان الحكم المعلل به لا ينسجم مع تفسير التعليل على وجه، فإنه ينتهي إلى عدم ظهور التعليل في ذلك المعنى، وإن كان ظاهرا فيه في نفسه لولا تطبيقه في المورد.
ففي المقام إذا فرضنا الحكم في المورد حكما مجعولا بلحاظ المصالح والمفاسد المتغيرة من باب الولاية في الأمور العامة أو الولاية العامة لا من باب الحكم الكلي الإلهي فإنه يوجب كون التعليل حكمة أو علة لمثل هذه الأحكام ولا يمكن أن يستفاد منه حكم كلي وقاعدة عامة.