في الحديث عنوان ثانوي متولد من الحكم، ونسبته إليه نسبة السبب التوليدي إلى مسببه، كالقتل إلى قطع الرقبة والاحراق إلى الالقاء في النار والايلام إلى الضرب ونحو ذلك.
واطلاق العناوين التوليدية على أسبابها شائع متعارف لا يحتاج إلى أية عناية فيكون مجازا والمقام من هذا القبيل، فيكون المراد من نفي الضرر نفي سببه المتحد معه وهو الحكم، والفرق بين هذا المسلك ومسلكنا أننا نرى أن المنفي هو التسبيب للضرر ولازمه نفي الحكم الضرري بينما هذا المسلك يرى أن المنفي مباشرة هو الحكم الضرري.
(إن قيل): إنه يعتبر في العنوان التوليدي عدم تخلل إرادة من فاعل مختار بينه وبين السبب كعدم تخللها بين الالقاء والاحراق، والمقام ليس من هذا القبيل في مثل إيجاد الوضوء والحج الضرريين، لان الحكم فعل للشارع والضرر إنما يترتب على امتثال العبد بإرادته واختياره، فكيف يحمل الضرر على الحكم.
(قيل): إن إرادة العبد في عين كونها اختيارية مقهورة لإرادة الله سبحانه، لان العبد ملزم عقلا ومجبور شرعا بالامتثال، فالعلة التامة لوقوع المتوضئ أو الشريك أو الجار في الضرر هي الجعل الشرعي.
ولكن هذا التقريب ضعيف:
أولا: لان الاشكال المطروح لا واقع له، فإن المقام ليس من قبيل الأسباب والمسببات التوليدية، ومجرد كون إرادة العبد مقهورة لإرادة المولى لا يجعله من قبيلها موضوعا ولا يلحقه بها حكما، مضافا إلى أن ذلك إنما يتأتى في إرادة العبد المطيع دون العاصي كما اعترف به ومن المعلوم أن الأحكام لا تختص بالمطيعين دون العصاة.
وثانيا: إن الضرر المترتب على العمل لا يترتب عليه دائما مباشرة،