والدارقطني، ومع وقفه فهو منقطع لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه، وعلى تقدير صحته فهو محمول على الحالة التي يكون الفطر فيها أو لمن الصوم كحالة المشقة جمعا بين الأدلة، واحتجوا أيضا بما أخرجه أحمد والنسائي والترمذي، وحسنه عن أنس بن مالك الكعبي بلفظ: إن الله قد وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة. ويجاب عنه بأنه مختلف فيه كما قال ابن أبي حاتم، وعلى تسليم صحته فالوضع لا يستلزم عدم صحة الصوم في السفر وهو محل النزاع، وذهب الجمهور منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أن الصوم أفضل لمن قوي عليه ولم يشق به، وبه قالت العترة وروي عن أنس وعثمان بن أبي العاص. وقال الأوزاعي وأحمد وإسحاق: أن الفطر أفضل عملا بالرخصة. وروي عن ابن عباس وابن عمر، وقال عمر بن عبد العزيز واختاره ابن المنذر أفضلهما أيسرهما، فمن يسهل عليه حينئذ ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك فالصوم في حقه أفضل، وقال آخرون: هو مخير مطلقا، والأولى أن يقال: من كان يشق عليه الصوم ويضره، وكذلك من كان معرضا عن قبول الرخصة فالفطر أفضل. أما الطرف الأول فلما قدمنا من الأدلة في حجج القائلين بالمنع من الصوم. وأما الطرف الثاني فلحديث: إن الله يحب أن تؤتى رخصه وقد تقدم. ولحديث: من رغب عن سنتي فليس مني. وكذلك يكون الصيام أفضل في حق من خاف على نفسه العجب أو الرياء إذا صام في السفر. وقد روى الطبراني عن ابن عمر أنه قال: إذا سافرت فلا تصم فإنك إن تصم قال أصحابك: اكفوا الصيام ادفعوا للصائم وقاموا بأمرك وقالوا: فلان صائم، فلا تزال كذلك حتى يذهب أجرك. وأخرج نحوه أيضا من طريق أبي ذر، ومثل ذلك ما أخرجه البخاري في الجهاد عن أنس مرفوعا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للمفطرين لما خدموا الصائمين: ذهب المفطرون اليوم بالاجر. وما كان من الصيام خاليا عن هذه الأمور فهو أفضل من الافطار. ومن أحب الوقوف على حقيقة المسألة فليراجع قبول البشرى في تيسير اليسرى للعلامة محمد بن إبراهيم. قوله: الكديد بفتح الكاف وكسر الدال المهملة. قوله: وقديد بضم القاف مصغرا وبين الكديد ومكة مرحلتان.
قال عياض: اختلفت الروايات في الموضع الذي أفطر فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والكل في قضية واحدة وكلها متقاربة، والجميع من عمل عسفان. قوله: أجد مني قوة ظاهره أن الصوم لا يشق عليه ويفوت به حق. وفي رواية لمسلم: إني رجل