ولكنه بعيد، لأن الرجال والنساء سواء في هذا الحكم. ويمكن أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم من حال عائشة أنها لا تتحرك شهوته بالتقبيل. وقد أخرج ابن حبان في صحيحه أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يمسك شيئا من وجهها وهي صائمة، فدل على أنه كان يجنبها ذلك إذا صامت تنزيها منه لها عن تحرك الشهوة لكونها ليست مثله. وقد دل حديث عمرو بن أبي سلمة المذكور على جواز التقبيل للصائم من غير فرق بين الشاب وغيره. وحديث أبي هريرة أخص منه فيبنى العام على الخاص.
(واحتج) من قال بتحريم التقبيل والمباشرة مطلقا بقوله تعالى: * (فالآن باشروهن) * (البقرة: 187) قالوا:
فمنع من المباشرة في هذه الآية نهارا. وأجيب عن ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المبين عن الله تعالى، وقد أباح المباشرة نهارا، فدل على أن المراد بالمباشرة في الآية الجماع لا ما دونه من قبلة ونحوها، وغاية ما في الآية أن تكون عامة في كل مباشرة مخصصة بما وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم وما أذن به، والمراد بالمباشرة المذكورة في الحديث ما هو أعم من التقبيل ما لم يبلغ إلى حد الجماع، فيكون قوله: كان يقبل ويباشر من ذكر العام بعد الخاص، لأن المباشرة في الأصل التقاء البشرتين، ووقع الخلاف فيما إذا باشر الصائم أو قبل أو نظر فأنزل أو أمذى، فقال الكوفيون والشافعي: يقضي إذا أنزل في غير النظر، ولا قضاء في الامذاء. وقال مالك وإسحاق: يقضي في كل ذلك ويكفر إلا في الامذاء فيقضي فقط، واحتج له بأن الانزال أقصى ما يطلب في الجماع من الالتذاذ في كل ذلك. وتعقب بأن الاحكام علقت بالجماع فقط، وروى ابن القاسم عن مالك أنه يجب القضاء على من باشر أو قبل فأنعظ أنزل أو لم ينزل، أمذى أم لم يمذ، وأنكر غيره عن مالك. وروى عبد الرزاق عن حذيفة أن من تأمل خلق امرأة وهو صائم بطل صومه، قال في الفتح: وإسناده ضعيف. قال وقال ابن قدامة: إن قبل فأنزل أفطر بلا خلاف، كذا قال وفيه نظر، فقد حكى ابن حزم أنه لا يفطر ولو أنزل وقوي ذلك وذهب إليه قوله: لإربه بفتح الهمزة والراء وبالموحدة أي حاجته، ويروى بكسر الهمزة وسكون الراء أي عضوه. قال في الفتح: والأول أشهر، وإلى ترجيحه أشار البخاري بما أورده من التفسير انتهى. (وفي الباب) عن عائشة عند أبي داود:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبلها ويمص لسانها قال الحافظ: وإسناده ضعيف، ولو صح فهو محمول على أنه لم يبتلع ريقه الذي خالطه ريقها. وعن رجل من الأنصار