ولذلك ساغ له بيعه، ومنهم من قال: كان عمر قد حبسه، وإنما ساغ للرجل بيعه لأنه حصل فيه هزال عجز بسببه عن اللحاق بالخيل وضعف عن ذلك وانتهى إلى حالة عدم الانتفاع به، ويرجح الأول. قوله: لا تعد في صدقتك ولو كان حبسا لعلله به. قوله: فأضاعه أي لم يحسن القيام عليه وقصر في مؤنته وخدمته. وقيل: لم يعرف مقداره فأراد بيعه بدون قيمته، وقيل معناه استعمله في غير ما جعل له والأول أظهر. قوله: وإن أعطاكه بدرهم هو مبالغة في تنقيصه وهو الحامل له على شرائه. قوله: لا تعد إنما سمى شراءه برخص عودا في الصدقة من حيث إن الغرض منها ثواب الآخرة، فإذا اشتراها برخص فكأنه اختار عرض الدنيا على الآخرة، فيصير راجعا في ذلك المقدار الذي سومح فيه. قوله: كالعائد في قيئه استدل به على تحريم ذلك لأن القئ حرام. قال القرطبي: وهذا هو الظاهر من سياق الحديث، ويحتمل أن يكون التشبيه للتنفير خاصة لكون القئ مما يستقذر وهو قول الأكثر، ويلحق بالصدقة الكفارة والنذر وغيرهما من القربات. قوله: لا يترك أن يبتاع الخ، أي كان إذا اتفق له أن يشتري شيئا مما تصدق به لا يتركه في ملكه حتى يتصدق به، فكأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو لمن أراد أن يتملكها لا لمن يردها صدقة. (والحديث) يدل على كراهة الرجوع عن الصدقة، وأن شراءها برخص نوع من الرجوع فيكون مكروها، وقد قيل: إنه يعارض هذا الحديث الحديث المتقدم عن أبي سعيد في حل الصدقة لرجل اشتراها بماله وجمع بينهما بحمل هذا على كراهة التنزيه، ولهذا قال المصنف رحمه الله تعالى: وحمل قوم هذا على التنزيه واحتجوا بعموم قوله: أو رجل اشتراها بماله في خبر أبي سعيد، ويدل عليه ابتياع ابن عمر وهو راوي الخبر، ولو فهم منه التحريم لما فعله وتقرب بصدقة تستند إليه انتهى. والظاهر أنه لا معارضة بين هذا وبين حديث أبي سعيد المتقدم، لان هذا في صدقة التطوع وذاك في صدقة الفريضة، فيكون الشراء جائزا في صدقة الفريضة، لأنه لا يتصور الرجوع فيها حتى يكون الشراء مشبها له، بخلاف صدقة التطوع فإنه يتصور الرجوع فيها فكره ما يشبهه وهو الشراء، نعم يعارض حديث
(٢٤٥)