وأما ما رووا في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم فكذلك أيضا وإنما هم ثلاثة أبو بكر. وعلى. وابن مسعود، فاما أبو بكر فإنما تعلقوا عنه بقوله. وإنما هو اليوم مال الوارث (1) وهذا لا متعلق لهم به أصلا لأنه لا يختلف اثنان وهم معنا أيضا في أنه رضي الله عنه إنما عنى أنه مال الوارث بعد موته وانه لم يعن بذلك أن مال المريض الذي يموت من ذلك المرض للوارث ما دام شئ من الروح في المريض، ولا خلاف في أن أسماء لو ماتت إذ قال أبو بكر هذا القول لها لما ورث عبد الله. وعروة. والمنذر أولادها من مال أبى بكر حبة خردل ولا قيمتها فما فوق ذلك، ولو كان مال المريض قد صار ما لا للوارث في مرضه لورثه عنه ان مات ورثته في حياة المريض وهذا لا يقوله أحد ولا أحمق. ولا عاقل، وأيضا فلا خلاف منا ومنهم في أن الوارث لو وطئ أمة المريض قبل موته لكان زانيا يحد حيث يحد لو وطئها وهو صحيح ولا فرق، وانه لو سرق من ماله قبل موته شيئا في مثله القطع قطعت يده حيث تقطع يده لو سرق منه وهو صحيح، فظهر تمويههم وبردهم وتدليسهم في الدين بأيها مهم الباطل من اغتر بهم وأحسن الظن بطرقهم، فان أتونا في صرف الاخبار التي ذكرنا قبل عن ظاهرها ببرهان مثل هذا وجب الانقياد للحق وان لم يأتونا إلا بالكذب البحت وبالظن الفاسد وبالتمويه الملبس فعار ذلك وناره لا زمان لهم لا لنا وبالله تعالى التوفيق، فبطل تعلقهم بخبر أبي بكر رضي الله عنه جملة * وأما الخبر عن ابن مسعود فمرسل لان الحسن. والقاسم بن عبد الرحمن لم يدركاه ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة لان في احدى الروايتين عنه أنه ابتاعها في مرضه فأجاز بيعه وأعتقها عند موته فأمرها بان تسعى في ثمنها للغريم، وفى الأخرى أعتق عبده في مرضه لا مال له غيره، فقال ابن مسعود: عتق ثلثه، والقول في هذا كالقول في بعض الأخبار المتقدمة من أنه إنما رد ذلك لأنه لم يكن له مال غيره فراعى ما أبقى له غنى * وقد روينا من طريق ابن أبي شيبة نا حفص - هو ابن غياث - عن حجاج عن القاسم بن عبد الرحمن قال:
أعتقت امرأة جارية لها ليس لها مال غيرها فقال عبد الله بن مسعود: تسعى في قيمتها، فهذا عبد الله قد رأى السعي في قيمتها إذ لم يكن (2) له مال غيرها ولم يذكران ذلك كان في مرض أصلا فعاد فعل ابن مسعود لو صح حجة عليهم، فكيف ولا حجة في قول أحد ولا نعله دون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فبطل تعلقهم بابن مسعود ولاح خلافهم له * وأما الرواية عن علي فمنقطعة لان الحسن لم يسمع من على شيئا ثم لو صحت لما كان لهم بها متعلق أصلا لأنه لم يقل علي رضي الله عنه انه إنما فعل ذلك لأنه أعتقه في مرضه البتة