لم يحرم من أجل تحريم لحمه لكن ببرهان آخر قد ذكرناه في باب ما يحل أكله ويحرم، ولو كان تحريم، شحم الخنزير من أجل تحريم لحمه دليلا على أن من حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما حنث لكان تحريم لبن الخنزيرة وعظمها على قولهم من أجل تحريم لحمها موجبا للحنث على من حلف أن لا يأكل لحما فشرب لبنا ولا فرق وهم لا يقولون هذا، وأما قولهم: ان الشحم تولد من اللحم فيقال لهم فكان ما ذا؟ أليس اللحم. واللبن متولدين من الدم والدم حرام وهما حلالان؟ أوليس الخمر متولدة من العصير والخل متولدة من الخمر وهي حرام وما تولدت منه حلال وما تولد منها حلال فبطل قولهم وبالله تعالى التوفيق * 1164 - مسألة - ومن حلف أن لا يأكل رأسا لم يحنث بأكل رؤس الطير ولا رؤس السمك ولا يحنث الا بأكل رؤس الغنم. والماعز، فإن كان أهل موضعه (1) لا يطلقون اسم الرؤس في البيع والاكل على رؤس الإبل والبقر لم يحنث بأكلها وإن كانوا يطلقون عليها في البيع والاكل اسم الرؤس حنث بها لما ذكرنا من أن الايمان إنما هي على لغة الحالف ومعهود استعماله في كلامه وهو قول أبي حنيفة. والشافعي. وأبي سليمان، ألا ترى أن المسك دم جامد ولكون لما لم بطلق عليه اسم دم حل ولم يحرم * 1165 - مسألة - ومن حلف أن لا يأكل بيضا لم يحنث الا بأكل بيض الدجاج خاصة ولم يحنث بأكل بيض النعام وسائر الطير ولا بيض السمك لما ذكرنا وهو قول أبي حنيفة. والشافعي. وأبي سليمان * 1166 - مسألة - ومن حلف أن لا يأكل عنبا فأكل زبيبا أو شرب عصيرا أو أكل ربا (2) أو خلا لم يحنث، وكذلك من حلف أن لا يأكل زبيبا لم يحنث بأكل العنب ولا بشرب نبيذ الزبيب وأكل خله، وكذلك القول في التمر. والرطب. والزهو.
والبسر. والبلح. والطلع. والمنكت ونبيذ كل ذلك وخله وذو شائبه. وناطفه لا يحنث، ومن حلف أن لا يأخذ شيئا منها حنث بأكل سائرها ولا يحنث بشرب ما يشرب منها وهو قول أبي حنيفة. والشافعي. وأبي سليمان لان اسم كل واحد منها لا يطلق على الآخر، والعالم كله بعضه متولد من بعض، ونحن مخلوقون من تراب وماء، فلو أن امرءا حلف أن لا يدخل في داره حيوانا فادخل التراب والماء لم يحنث بلا خلاف منا ومن غيرنا، وقال مالك: من حلف أن لا يأكل عنبا فأكل زبيبا أو شرب