والشرب فهذا يبيحه الاكراه لان الاكراه ضرورة فمن أكره (1) على شئ من هذا فلا شئ عليه لأنه أتى مباحا له اتيانه، والثاني ما لا تبيحه الضرورة كالقتل. والجراح.
والضرب. وافساد المال فهذا لا يبيحه الاكراه فمن أكراه على شئ من ذلك لزمه القود والضمان لأنه أتى محرما عليه اتيانه، والاكراه هو كل ما سمى في اللغة إكراها وعرف بالحسن أنه اكراه كالوعيد بالقتل ممن لا يؤمن منه انفاذ ما توعد به. والوعيد بالضرب كذلك. أو الوعيد بالسجن كذلك. أو الوعيد بافساد المال كذلك. أو الوعيد في مسلم غيره بقتل. أو ضرب. أو سجن. أو افساد مال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) * 1404 مسألة فمن أكره على شرب الخمر. أو أكل الخنزير. أو الميتة.
أو الدم. أو بعض المحرمات. أو أكل مال مسلم. أو ذمي فمباح له أن يأكل. ويشرب ولا شئ عليه لاحد ولا ضمان لقول الله عز وجل: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم إليه) وقوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه) ولقوله تعالى:
(فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم) فإن كان المكره على أكل مال مسلم له مال حاضر فعليه قيمة ما أكل (2) لان هكذا هو حكم المضطر فإن لم يكن له مال حاضر فلا شئ عليه فيما أكل لما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق * فان قيل: فهلا أبحتم قتل النفس للمكره والزنا. والجراح والضرب. وافساد المال بهذا الاستدلال؟ قلنا: لان النص لم يبح له قط أن يدفع عن نفسه ظلما بظلم غيره ممن لم يتعد عليه وإنما الواجب عليه دفع الظالم أو قتاله لقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان ليس وراء ذلك من الايمان شئ) فصح أنه لم يبح له قط العون على الظلم لا لضرورة ولا لغيرها وإنما فسح له ان عجز في أن لا يغيره بيده ولا بلسانه وبقى عليه التغيير بقلبه ولا بد والصبر لقضاء الله تعالى فقط وأبيح له في المخمصة (3) بنص القرآن الأكل والشرب وعند الضرورة (4) وبالله تعالى التوفيق *