هذا لا يصلح صاعين بصاع ولا درهمان بدرهم ولا الدينار بدينارين ولا الدرهم بالدرهم لا فضل بينهما الا ربا) * قال أبو محمد: فقوله عليه السلام: (لا يصلح هذا لا يصلح صاعين بصاع) إشارة إلى التمر المذكور في الخبر لا يمكن غير ذلك أصلا بدأ عليه السلام فقال: لا يصلح مشيرا إلى فعلهم ثم ابتدأ الكلام فقال: هذا لا يصلح صاعين بصاع فهذا ابتداء، ولا يصلح صاعين بصاع جملة في موضع خبر الابتداء وانتصب صاعين بصاع على التمييز لا يجوز غير ذلك أصلا لأنه لو قال عليه السلام: لا يصلح هذا ثم ابتدأ الكلام بقوله: لا يصلح صاعين بصاع دون أن يكون في يصلح الثانية ضمير راجع إلى مذكور أو مشار إليه لكان لحنا لا يجوز البتة * ومن الباطل المقطوع به أن يكون عليه السلام يلحن ولا يحل إحالة لفظ الخبر ما دام يوجد له وجه صحيح فبطل تعلقهم بهذا الخبر ولله تعالى الحمد * وأما حديث سعيد بن المسيب عن أبي سعيد. وأبي هريرة الذي فيه (وكذلك الميزان) فإنهم جسروا ههنا على الكذب البحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قطعوا بأنه عليه السلام أراد أن يقول: لا يحل التفاضل في كل جنس من الموزونات بجنسه ولا النسيئة فاقتصر من هذا كله على أن قال: وكذلك الميزان * قال أبو محمد: إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيان وأما بالاشكال في الدين والتلبيس في الشريعة فمعاذ الله من هذا وليس في التلبيس. والاشكال أكثر من أن يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرم كل جنس ما يكال بشئ من جنسه متفاضلا أو نسيئة وكل جنس مما يوزن بشئ من جنسه متفاضلا أو نسيئة فيقتصر من بيان ذلك علينا وتفصيله لنا على أن يقول في التمر الذي اشترى بتمر أكثر منه: لا تفعلوا ولكن مثلا بمثل أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان وما خلق الله قط أحدا يفهم تلك الصنفين من هذا الكلام، ولا ركب الله تعالى قط هذا الكلام على تلك الخرافتين ولو أن انسانا من الناس أراد تلك الشريعتين اللتين احتجوا لهما بهذا الكلام فعبر عنهما بهذا الكلام لسخر منه ولما عده من يسمعه الا ألكن اللسان. أو ما جنا من المجان. أو سخيفا من النوكى، أفلا (1) يستحيون من هذه الفضائح الموبقة عند الله تعالى المخزية في العاجل ولكنا نقول قولا نتقرب به إلى الله تعالى ويشهد لصحته كل ذي فهم من مخالف ومؤالف: وهو أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكذلك الميزان قول مجمل مثل قول الله تعالى: (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) نؤمن بكل ذلك ونطلب بيانه من نصوص أخر ولا نقدم بالظن الكاذب. والدعوى الآفكة على أن نقول: أراد الله تعالى كذا وكذا وأراد رسوله عليه السلام معنى كذا لا يقتضيه ذلك اللفظ بموضوعه
(٤٨٠)