ما عرف قدره جاز الصلح فيه وما جهل فهو مؤخر إلى يوم الحساب * وقد احتج من أجاز ذلك بما رويناه من طريق محمد بن إسحاق في مغازيه عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى بنى جذيمة إذ أوقع بهم خالد فبعثه عليه السلام بمال فودى لهم الدماء والأموال حتى أنه ليدى لهم ميلغة الكلب حتى إذا لم يبق شئ من مال ولا دم حتى أداه وبقيت معه بقية من المال فقال لهم: هل بقي لكم دم أو مال؟ قالوا: لا، قال: فانى أعطيكم هذه البقية من المال احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما لم يعلم ولا تعلمون ففعل فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له: أصبت وأحسنت) * قال أبو محمد: هذا لا يصلح لأنه مرسل ثم عن حكيم بن حكيم وهو ضعيف، ثم لو صح لما كانت لهم فيه حجة أصلا لأنه ليس فيه صلح مشترط على طلب حق مجهول وهذا هو الذي أنكرنا وإنما هو تطوع لقوم لا يدعون حقا أصلا بل هم مقرون بأنهم لم يبق لهم طلب أصلا ونحن لا ننكر التطوع ممن لا يطلب بحق بل هو فعل خير، وبالله تعالى التوفيق * 1273 - مسألة - ولا يجوز الصلح في غير ما ذكرنا من الأموال الواجبة المعلومة بالاقرار والبينة الا في أربعة أوجه فقط، في الخلع (1) ونذكره إن شاء الله تعالى في كتاب النكاح قال الله تعالى: (وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير) أو في كسر سن عمدا فيصالح الكاسر في اسقاط القود، أو في جراحة عمدا عوضا من القود. أو في قتل نفس عوضا من القود بأقل من الدية أو بأكثر وبغير ما يجب في الدية * برهان ذلك ما ذكرنا قبل من قول الله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فلا يحل اعطاء مال الا حيث جاء النص بإباحة ذلك أو ايجابه، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) والصلح شرط فهو باطل الا حيث اباحه نص ولا مزيد، ولم يبح النص الا حيث ذكرنا فقط * روينا من طريق أبى داود نا مسدد نا المعتمر بن سليمان التيمي عن حميد الطويل عن أنس [بن مالك] (2) قال: (كسرت الربيع أخت أنس بن النضر ثنية امرأة (3) فاتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بكتاب
(١٦٦)