فوجدناه تعالى قد قال (هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) فهذا مذ خلق الله عز وجل مبدأ العالم إلى خلق آدم عليه السلام ونسم بنيه والى وقت نفخ الروح في كل واحد منا، وقال تعالى (ولتعلمن نبأه بعد حين) فهذا إلى يوم القيامة، وقال تعالى:
(ومتعناهم إلى حين) فهذا مدة عمر الانسان إلى أن يموت، وقال تعالى: (ليسجننه حتى حين)، وقال تعالى: (فلبث في السجن بضع سنين) والبضع ما بين الثلاث إلى التسع، وقال الله تعالى: (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون) فسمى الله تعالى المساء حينا. والاصباح حينا. والظهيرة حينا، فصح بذلك ما ذكرناه وبطل قول من حد حدا دون حد، ووجدنا احتجاجهم بالنخلة عليهم لا لهم لأننا نشاهدها يرطب منها ما كان زهوا. ويزهى ما كان بسرا. ويبسر منها ما كان بلحا. ويبلح منها ما كان طلعا، ففي كل ساعة تؤتى أكلها وبالله تعالى التوفيق * ولأبي حنيفة هنا تخاليط عظيمة، منها أنه قال: من حلف أن لا يكلم فلانا زمانا أو الزمان. أو حينا أو الحين. أو مليا أو طويلا فهو كله ستة أشهر الا أن ينوى مدة ما فله ما نوى، وروى عنه أيضا في قوله مليا انه شهر واحد فان حلف أن لا يكلمه دهرا قال أبو حنيفة: لا أدرى ما الدهر؟ وقال أبو يوسف. ومحمد: هو ستة أشهر فان قال لا أكلمه الدهر قال أبو يوسف: هو على الأبد، وقال محمد بن الحسن: ستة أشهر فان حلف أن لا يكلمه إلى بعيد فهو أكثر من شهر قال أبو يوسف: شهر ويوم فان حلف أن لا يكلمه إلى قريب فهو أقل من شهر فان حلف أن لا يكلمه عمرا فان أبا يوسف قال: ستة أشهر، وروى عنه أنه يوم واحد الا أن ينوى مدة ما فله ما نوى * 1157 - مسألة - فان حلف أن لا يكلمه طويلا فهو ما زاد على أقل المدد، فان حلف أن لا يكلمه أياما أو جمعا أو شهورا أو سنين أو ذكر كل ذلك بالألف واللام فكل ذلك على ثلاثة ولا يحنث فيما زاد لأنه الجمع وأقل الجمع ثلاثة وهو ما زاد على التثنية قال تعالى: (فان كن نساء فوق اثنتين) فان قال في كل ذلك: كثيرة فهي على أربع لأنه لا كثير الا بالإضافة إلى ما هو أقل منه ولا يجوز أن يحنث أحد الا بيقين لا مجال للشك فيه، وبالله تعالى التوفيق * 1158 - مسألة - ومن حلف أن لا يساكن من كان ساكنا معه من امرأته أو قريبه أو أجنبي فليفارق حاله التي هو فيها إلى غيرها ولا يحنث فان أقام مدة يمكنه فيها أن لا يساكنه فلم يفارقه حنث فان رحل كما ذكرنا مدة قلت أو كثرت ثم رجع لم يحنث، وتفسير ذلك إن كان في بيت واحد أن يرحل أحدهما إلى بيت آخر من تلك الدار