رضي الله عنهم إنما أدرك أصاغر الصحابة كابن عباس ومثله رضى الله عن جميعهم، وقد خالفوا ابن مسعود في قوله، ان من حلف بالقرآن. أو بسورة منه فعليه بكل آية كفارة ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة، فابن مسعود حجة إذا اشتهوا وغير حجة إذا لم يشتهوا أن يكون حجة * قال أبو محمد: فإذ قد سقط كل ما شغبوا به فلنأت بالبرهان على صحة قولنا فنقول وبالله تعالى التوفيق: قال الله عز وجل: (فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة) إلى قوله تعالى: (ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم) فظاهر القرآن ايجاب الكفارة في كل يمين فلا يجوز أن تسقط كفارة (1) عن يمين أصلا الا حيث أسقطها نص قرآن. أو سنة، ولا نص قرآن ولا سنة أصلا في اسقاط الكفارة عن الحالف يمينا غموسا، فهي واجبة عليه بنص القرآن، والعجب كله ممن أسقطها عنه والقرآن يوجبها ثم يوجبونها على من حنث ناسيا مخطئا والقرآن والسنة قد أسقطاها عنه، وأوجبوها على من لم يتعمد اليمين ولا نواها والقرآن والسنة يسقطانها عنه، وهذا كما ترى، فان قالوا: إن هذه الآية فيها حذف بلا شك ولولا ذلك لوجبت الكفارة على كل من حلف ساعة حلف بر أو حنث قلنا: نعم لا شك في ذلك الا أن ذلك الحذف لا يصدق أحد في تعيينه له الا بنص صحيح أو اجماع متيقن على أنه هو الذي أراد الله تعالى لا ما سواه وأما بالدعوى المفتراة فلا، فوجدنا الحذف المذكور في الآية قد صح الاجماع المتيقن والنص على أنه فحثتم، وإذ لا شك في هذا فالمتعمد لليمين على الكذب عالما بأنه كذب حانث بيقين حكم الشريعة وحكم اللغة فصح إذ هو حانث ان عليه الكفارة وهذا في غاية الوضوح وبالله تعالى التوفيق، والقوم أصحاب قياس بزعمهم وقد قاسوا احالق رأسه لغير ضرورة وهو محرم عاصيا لله تعالى على حالق رأسه لضرورة محرما غير عاص لله تعالى، فهلا قاسوا الحالف عامدا للكذب حانثا عاصيا علي الحالف ان لا يعصى فحنث عاصيا أو على من حلف أن لا يبر فبر غير عاص في ايجاب الكفارة في كل ذلك؟ ولكن هذا مقدار عليهم وقياسهم، وبالله تعالى التوفيق * 1134 - مسألة - واليمين في الغضب. والرضا. وعلى أن يطيع. أو على أن يعصى.
أو على ما لا طاعة فيه ولا معصية سواء في كل ما ذكرنا ان تعمد الحنث في كل ذلك فعليه الكفارة، وان لم يتعمد الحنث أو لم يعقد اليمين بقلبه فلا كفارة في ذلك لقول الله تعالى: (ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم) فالكفارة واجبة في كل حنث قصده المرء *