والا فنحن على يقين من أنه عليه السلام لا يعطى أحدا مال غيره بغير حق وإنما حق المجني عليه في عين ماله لا في غيره فما دامت العين أو شئ منها موجودين فلاحق له في غير ذلك فان عدم جملة فحينئذ يقضى له بالمثل * قال على: فإذا عدم المثل من نوعه فكل ما قاومه وساواه فهو أيضا مثل له من هذا الباب الا أنه أقل مثليه مما هو من نوعه فلذلك قضينا به عند عدم المثل المطلق وبالله تعالى التوفيق * 1260 مسألة ومن كسر لآخر شيئا أو جرح له عبدا أو حيوانا أو خرق له ثوبا قوم كل ذلك صحيحا مما جنى عليه ثم قوم كما هو الساعة وكلف الجاني أن يعطى صاحب الشئ ما بين القيمتين ولابد، ولا يجوز أن يعطى الشئ المجني عليه للجاني لما ذكرنا آنفا وإنما عليه أن يعتدى عليه بمثل ما اعتدى فقط، وسواء كانت الجناية صغيرة أو كبيرة لا يحل هذا، وللحنيفيين ههنا اضطراب وتخليط كثير كقولهم: من غصب ثوبا فإنه يرد إلى صاحبه (1) فان وجد وقد قطعه الغاصب فصاحب الثوب مخير بين أخذه كما هو وما نقصه القطع وبين أن يعطيه للغاصب ويضمنه قيمة الثوب، فإن لم يوجد الا وقد خاطه قميصا فهو للغاصب بلا تخيير وليس عليه الا قيمة الثوب، وكذلك قولهم في الحنطة تغصب فتطحن، والدقيق يغصب فيعجن. واللحم يغصب فيطبخ أو يشوى * قال أبو محمد: ما في المجاهرة بكيد الدين أكثر من هذا ولا في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا فيقال لكل فاسق: إذا أردت أخذ قمح يتيم أو جارك وأكل غنمه واستحلال ثيابه وقد امتنع من أن يبيعك شيئا من ذلك فاغصبها واقطعها ثيابا على رغمه واذبح غنمه واطبخها واغصبه حنطته وأطحنها وكل كل ذلك حلالا طيبا وليس عليك الا قيمة ما أخذت، وهذا خلاف القرآن في نهيه تعالى ان نأكل أموالنا بالباطل و خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام)، (ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) وما يشك أحد من أهل الاسلام في أن كل ثوب قطع من شقة فإنه لصاحب الشقة، وكل دقيق طحن من حنطة انسان فهو لصاحب الحنطة. وكل لحم شوى فهو لصاحب اللحم وهم يقرون بهذا ثم لا يبالون بأن يقولوا: الغصب. والظلم.
والتعدى يحل أموال المسلمين للغصاب (2)، واحتجوا في ذلك بأمر القصعة المكسورة التي ذكرنا قبل وهم أول مخالف لذلك الخبر فخالفوه فيما فيه واحتجوا له فيما ليس فيه منه شئ، واحتجوا أيضا بخبر المرأة التي دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام فأخبرته انها أرادت ابتياع شاة فلم تجدها فأرسلت إلى جارة لها ابعثي إلى الشاة التي لزوجك فبعثت