فمن أعجب ممن يرد هذه الآثار المتواترة المتظاهرة الصحاح من السنن. وعن الصحابة ثم يقلد آثارا واهية مكذوبة في جعل الآبق فلا يعللها ولا يتأول فيها هذا؟ وهم يطلقون في أصولهم ان الأثر وإن كان ضعيفا فهو أقوى من النظر وحسبنا الله ونعم الوكيل * 1470 مسألة. فإن كان في حائط أنواع من الثمار من الكمثرى. والتفاح.
والخوخ. وسائر الثمار فظهر صلاح شئ منها من صنف دون سائر أصنافه جاز بيع كل ما ظهر من أصناف ثمار ذلك الحائط وإن كان لم يطلب بعد إذا بيع كل ذلك صفقة واحدة فان أراد بيعه صفقتين لم يجز بيع ما لم يبد فيه شئ من الصلاح وإن كان قد بدا صلاح ذلك الصنف بعد حاشا ثمر النخل والعنب فقط فإنه لا يجوز بيع شئ منه لا وحده ولا مع غيره إلا حتى يزهى ثمر النخل ويبدأ سواد العنب أو طيبه * برهان ذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، ولا يخلو هذا الصلاح الذي به يحل بيع الثمار بعد تحريمه من أن يكون عليه السلام أراد به ابتداء ظهور الطيب في شئ منه أو تناهى الطيب في جميعه أو له عن آخره. أو في أكثره. أو في أقله. أو في جزء مسمى منه كنصف. أو ثلث. أو ربع. أو عشر. أو نحو ذلك لابد ضرورة من أحد هذه الوجوه، فمن المحال الممتنع الذي لا يمكن أصلا أن يريد عليه السلام أكثره أو أقله أو جزءا مسمى منه ثم لا ينص على ذلك ولا يبينه وقد افترض الله عز وجل عليه البيان فلا سبيل إلى أن يكلفنا شرعا لا ندري ما هو لأنه كأن يكون عليه السلام مخالفا لأمر ربه تعالى له بالبيان، وهذا ما لا يقوله مسلم، وأيضا فان ذلك كأن يكون تكليفا لنا مالا نطيقه من معرفة ما لم نعرف به وقد أمننا الله تعالى من ذلك بقوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) فبطلت هذه الوجوه بيقين لامرية فيه ولم يبق إلا وجهان فقط، إما ظهور الصلاح في شئ منه وان قل. واما عموم الصلاح لجميعه فنظرنا في لفظه عليه السلام فوجدناه حتى يبدو صلاحه فصح أنه ظهور الصلاح وبصلاح حبة واحدة يطلق عليه في اللغة أنه قد بدا صلاح هذا الثمر، فهذا مقتضى لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أنه عليه السلام أراد صلاح جميعه لقال: حتى يصلح جميعه، وأيضا فان جميع الثمار يبدو صلاح بعضه ثم يتتابع صلاح شئ شئ منه فلا يصح آخره الا ولو ترك أوله لفسد وضاع بلا شك، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وأيضا فلا نعرف أحدا (1) قال هذا قديما ولا حديثا، وما زال الناس يتبايعون الثمار كل عام عملا عاما فاشيا ظاهرا بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) ثم كذلك كل عام في جميع أقطار أهل الاسلام ما قال قط أحد: إنه