قال أبو محمد: وهذا قيا س والقياس كله باطل، ثم لو صح القياس لكان هذا منه عين الباطل لأنه لا نسبة بين الولاية وبين الضمان ولا نسبة بين الوكالة وبين الضمان لان الولاية فرض على المسلمين إلى يوم القيامة وليس الضمان فرضا، وأما لوكالة فحكم على حياله جاء به النصف، ثم نسألهم عمن قال: أنا أضمن لك ما أقرضته زيدا ثم مات فاقرض المقول له ذلك زياد ما أمره به؟ أيلزمونه ذلك بعد موته؟ فهذا عجب! أم لا يلزمونه؟ فقد تركوا قولهم الفاسد ورجعوا إلى الحق ولئن لزمه ضمان ذلك في ذمته في حياته فهو لازم له في ماله ولابد بعد موته من رأس ماله، ونسألهم عمن ضمن كل ما يتداين به زيد إلى انقضاء عمره؟ فان ألزموه ذلك كان شنعة من القول وان لم يلزموه تناقضوا: ونقول لهم: كما لم يجز الغرر والمخاطرة في البيوع ولا جاز اصداق ما لم يخلق بعد فكذلك لا يجوز ضمان ما لم يلزم بعد، فهذا أصح من قياسهم على الامارة والوكالة والدلائل ههنا على بطلان قولهم تكثر جدا وفيما ذكرنا كفاية * 1233 مسألة ولا يجوز أن يشترط في ضمان اثنين عن واحد أن يأخذ أيهما شاء بالجميع ولا أن يشترط ذلك الضامن في نفسه وفى المضمون عنه ولا أن يشترط أن يأخذ الملئ منهما عن المعسر والحاضر عن الغائب، وهو قول ابن شبرمة. وأبي سليمان ، وأجاز هذا الشرط شريح. وابن سيرين. وعطاء. وعمرو بن دينار. وسليمان ابن موسى. وهو قول سفيان الثوري. وأبي حنيفة. ومالك * برهان صحة قولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)، وهذا شرط لم يأت بإباحته نص فهو باطل، وأيضا فإنه ضمان لم يستقر عليهما ولا على واحد منهما بعينه وإنما هو ضمان معلق على أحدهما بغير عينه لا يدرى على أيهما يستقر (1) فهو باطل لان ما لم يصح على المرء بعينه حين عقده إياه فمن الباطل أن يصح عليه بعد ذلك في حين لم يعقده ولا التزمه، وهذا واضح لاخفاء به، وبالله تعالى التوفيق * 1234 مسألة فان ضمن اثنان فصاعدا حقا على إنسان فهو بينهم بالحصص لما ذكرنا، فلو ابتاع اثنان بيعا أو تداينا دينا على أن كل واحد منهما ضامن عن الآخر فان ما كان على كل واحد منهما قد انتقل عنه واستقر على الآخر لا يجوز غير هذا أصلا لما ذكرنا قبل، ولان من الباطل المحال الممتنع أن يكون مال واحد على اثنين فصاعدا يكون كله على كل واحد منهما لأنه كان يصير الدرهم درهمين ولابد أو يكون غير لازم لأحدهما بعينه ولا لهما جميعا، وهذا هوس لا يعقل، وبالله تعالى التوفيق *
(١١٨)