هذا فقال بعض التابعين وبعض المتأخرين: كل ذلك للغاصب وللمستحق عليه بضمانه، و قال آخرون: ما تولد من لبن. أو صوف. أو إجارة فهو للغاصب والمستحق عليه وأما الولد فللمستحق، وفرق آخرون في ذلك بين المستحق عليه وبين الغاصب فجعلوا كل ذلك للمستحق عليه ولم يجعلوه للغاصب، وفرق آخرون بين ما وجد من ذلك قائما وبين ما هلك منه فلم يضمنوه ما هلك * قال أبو محمد: وهذه كلها آراء فاسدة متخاذلة وحجة جميعهم إنما هي الحديث الذي لا يصح الذي انفرد به مخلد بن خفاف. ومسلم بن خالد الزنجي (ان الخراج بالضمان) ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة لأنه إنما جاء فيمن اشترى عبدا فاستغله ثم وجد به عيبا فرده فكان خراجه له، وهكذا نقول نحن لأنه قد ملكه ملكا صحيحا فاستغل ماله لا مال غيره ومن الباطل ان يقاس الحرام على الحلال ثم لو كان القياس حقا فكيف وهو باطل كله؟
أو ان يحكم للباطل بحكم الحق وللظالم بحكم من لم يظلم فهذا الجور والتعدي لحدود الله عز وجل، ثم لو صح هذا الخبر على عمومه لكان تقسيم من فرق بين الغاصب وبين المستحق عليه وبين الولد وبين الغلة وبين الموجود والتألف باطلا مقطوعا به لأنه لا بهذا الخبر أخذ ولا بالنصوص التي قدمنا أخذ بل خالف كل ذلك فإنما بقي الكلام بيننا وبين من رأى الغلة والولد للغاصب وللمستحق عليه بالضمان فقط فالنصوص التي ذكرنا توجب ما قلنا، وأيضا فان الرواية صحت من طريق أبى داود قال: نا محمد بن المثنى نا عبد الوهاب - هو ابن عبد المجيد الثقفي - نا أيوب - هو السختياني - عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن رسول الله (1) صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق) فنسألهم عمن صار إليه مال أحد بغير حق؟ أعرق ظالم هو أم لا؟ فان قالوا،: لا خالفوا القرآن. والسنن وتركوا قولهم. وقول أهل الاسلام ولزمهم أن لا يردوا على المستحق شيئا لأنه ليس بيد المستحق عليه ولا بيد الغاصب والظالم بعرق ظالم وإذا لم يكن عرق ظالم فهو عرق حق إذ لا واسطة بينهما قال تعالى: (فماذا بعد الحق الا الضلال) وهم لا يقولون بهذا وان قالوا: بل بعرق ظالم هو بيده لزمهم أن لا حق له في شئ مما سرى فيه ذلك العرق، وهذا في غاية الوضوح وبالله تعالى التوفيق * وأما من فرق بين (2) الولد وبين سائر الغلة فكلام في غاية السخف والفساد ولو عكس عليهم قولهم ما انفصلوا منه * وأما من فرق بين الأولاد الاحياء فرأى ردهم وبين الموتى