وأما قولهم: انه فرج معار فكذب وباطل لان العارية لا يزول عنها ملك المعير فحرام على غيره وطؤها لأنه ملك يمين غيره، وأما المستقرضة فهي ملك يمين المستقرض فهي له حلال وهو مخير بين أن يردها أو يمسكها ويرد غيرها وليست العارية كذلك، وقالوا:
هو بشيع شنيع قلنا: لا شنعة ولا بشاعة في الحلال وأنتم لا تستبشعون مثله من أن يكون انسان يبيع جارية من غيره فيطؤها ثم يبتاعها الذي باعها فيستبرئها بحيضة ثم يطؤها ثم يبتاعها الذي باعها منه، وهكذا ابدا، ومن أن يكون انسان يتزوج امرأة فيطؤها ثم يطلقها فتعتد خمسة وأربعين يوما وهي مصدقة عنده ثم يتزوجها جاره فيطؤها ثم يطلقها فتعتد كذلك ثم يتزوجها الأول فيطؤها ثم يطلقها وهكذا أبدا، فأي فرق بين هذا وبين ما منعوا منه من قرض الجواري؟ إنما الشنيع البشيع الفظيع ما يقولونه من أن رجالا تكون بينهم أمة يطؤها كل واحد منهم فلا يرون في ذلك حدا ويلحقون الولد بهذا الوطئ الحرام الخبيث، ومن أن يطأ الوالد أم ولد ابنه فلا يرون عليه حدا ويلحقون الولد في هذا الوطئ الفاحش لا سيما الحنيفيين الذين يقولون: من عشق امرأة جاره فرشا شاهدين فشهدا له بأن زوجها طلقها وانها اعتدت وانها تزوجت هذا وهي منكرة وزوجها منكر والله تعالى يعلم أنهما كاذبان فقضى القاضي بذلك فإنه يطؤها حلالا طيبا، فهذه هي الشناعة المضاهية لخلاف الاسلام وبالله تعالى التوفيق * 1202 - مسألة - وكل ما يمكن وزنه أو كيله أو عدده أو زرعه لم يجر أن يقرض جزافا لأنه لا يدرى مقدار ما يلزمه أن يرده فيكون أكل مال بالباطل * 1203 - مسألة - وكل ما اقترض من ذلك معلوم العدد أو الزرع أو الكيل أو الون فان رده جزافا فكان ظاهرا متيقنا أنه أقل مما اقترض فرضى ذلك المقرض أو كان ظاهرا متيقنا انه أكثر مما اقترض وطابت نفسه المقترض وكل ذلك جائز حسن لما قدمنا، فإن لم يدرأ هو مثل ما اقترض أم أقل أم أكثر؟ لم يجز له لأنه لا يجوز مال أحدا لا بطيب نفس منه ورضاه ولا يكون الرضا وطيب النفس الاعلى معلوم ولابد (1) لا على مجهول وبالله تعالى التوفيق * 1204 - مسألة - ولا يجوز تعجيل بعض الدين المؤجل على أن يبريه من الباقي فان وقع رد وصرف إلى الغريم ما أعطى لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) فلو عجل الذي عليه الحق بعض ما عليه بغير شرط ثم رغب إلى صاحب الحق أن يضع عنه الباقي أو بعضه فأجابه إلى