ابن حرب نا حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر [رضي الله عنهما] (1) قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجراء فقال: من يعمل لي من غدوة (2) إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود إلى صلاة الظهر ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم) وذكر الحديث * 1295 - مسألة - وجائز استئجار المرأة ذات اللبن لا رضاع الصغير مدة مسماة * برهان ذلك قول الله تعالى: (فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) * 1296 - مسألة - ولا يجوز استئجار شاة. أو بقرة. أو ناقة. أو غير ذلك لا واحدة ولا أكثر للحلب أصلا لان الإجارة إنما هي في المنافع خاصة لا في تملك الأعيان وهذا تملك اللبن وهو عين قائمة فهو بيع لا إجارة، وبيع ما لم ير قط ولا تعرف صفته باطل، وهو قول أبي حنيفة. والشافعي، ولم يجز مالك إجارة الشاة ولا الشاتين للحلب وأجاز إجارة القطيع من ذوات اللبن للحلب وأجاز استئجار البقرة للحرث واشتراط لبنها وهذا كله خطأ وتناقض لأنه فرق بين القليل والكثير بلا برهان أصلا، ثم لم يأت بحد بين ما حرم وما حلل فمزج الحرام بالحلال بغير بيان وهذا كما ترى * وفرض على كل من حلل وحرام ان يبين للناس ما يحرم عليهم مما يحل لهم إن كان يعرف ذلك فإن لم يعرفه فالسكوت هو الواجب الذي لا يحل غيره، ثم أجاز ذلك في الرأس الواحد من البقر وهذا تناقض فاحش، وكذلك أجاز كراء الدار تكون فيها الشجرة أو النخلة واستثناء ثمرتها وإن لم تكن فيها حين الإجارة ثمرة إذا كانت الثمرة أقل من ثلث الكراء وإلا فلا يجوز، ولا يعرف هذا التقسيم عن أحد قبله ولا دليل على صحته شئ منه، ولئن كان الكثير مما ذكرنا حلالا فالقليل من الحلال حلال، وإن كان حراما فالقليل من الحرام حرام، وهذا بعينه أنكروا على الحنيفيين إذ أباحوا القليل مما يكسر كثيره وقد وافقونا على أنه لا يحل كراء الطعام ليؤكل فما الفرق بين ذلك وبين ما أباحوه من كراء الدار بالثمرة التي لم تخلق فيها لتؤكل وبين كراء الغنم لتحلب؟ فان قالوا: قسنا ذلك على استئجار الظئر قلنا: القياس كله باطل ثم لو كان حقا لكان ههنا باطلا لان أصح القياس ههنا إن يقاس استئجار الشاة الواحدة للحلب على استئجار الظئر الواحدة
(١٨٩)