آخر، وهذه طريق من سلكها فلم يزد على أن أثبت فساد دينه وقلة حيائه وضعف عقله ونعوذ بالله من الخذلان * فان قالوا: هذا مما تعظم به البلوى فلو كان واجبا ما خفى (1) على كثير من العلماء قلنا: هبكم موهتم بهذا في اخبار الآحاد أترون هذا يسوغ لكم في القرآن الذي لم يبق من لم يعلمه؟ وهلا قلتم هذا لأنفسكم في قول من قال منكم: لا يتم البيع إلا بالتسليم المبيع وهذا أمر تعظم به البلوى ولا يعرفه أكثر الناس وفى قول من قال منكم: لا يتم البيع الا بالتفرق، وهذا أمر تعظم به البلوى ولا يعرفه كثير من الناس، وفى قول من قال منكم: بعهدة الرقيق في السنة والثلاث. وبالجوائح في الثمار وهي أمور تكثر بها البلوى ولا يعرفها غير القائلين بذلك منكم فظهر التحكم بالباطل في أقوالهم واستدلالهم وبالله تعالى التوفيق * وإنما قلنا: إنه ان ترك الاشهاد. والكتاب فقد عصى الله تعالى والبيع تام فالمعصية لخلافه أمر الله تعالى بذلك، وأما جواز البيع فلان الاشهاد والكتاب عملان غير البيع وإنما أمر الله تعالى بهما بعد تمام البيع وصحته فإذا تم البيع لم تبطله معصية حدثت بعده ولكل عمل حكمه: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * 1416 مسألة ولا يجوز البيع الا بلفظ البيع. أو بلفظ الشراء. أو بلفظ التجارة. أو بلفظ يعبر به في سائر اللغات عن البيع، فإن كان الثمن ذهبا أو فضة غير مقبوضين لكن حالين أو إلى أجل مسمى جاز أيضا بلفظ الدين أو المداينة ولا يجوز شئ من ذلك بلفظ الهبة. ولا بلفظ الصدقة. ولا بشئ غير ما ذكرنا أصلا * برهان ذلك قول الله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) وقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وقوله تعالى:
(إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) فصح أن ما حرم الله تعالى فهو حرام وما أحل فهو حلال، فمتى أخذ مال بغير الاسم الذي أباح الله تعالى به أخذه كان باطلا بنص القرآن * وصفة البيع والربا واحدة والعمل فيهما واحد وإنما فرق بينهما الاسم فقط إنما هما معاوضة مال بمال أحدهما حلال طيب والآخر حرام خبيث كبيرة من الكبائر قال تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا: سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا) وقال تعالى: (إن هي الا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) فصح أن الأسماء كلها توقيف من الله تعالى لا سيما أسماء أحكام الشريعة التي لا يجوز فيها الاحداث ولا تعلم الا بالنصوص ولا خلاف بين الحاضرين منا ومن خصومنا في أن امرءا لو قال لآخر: