وقالوا: قسناه على الوصية * قال أبو محمد: هذا كل ما شغبوا به وكله لا حجة لهم فيه، أما حديث رجل من بنى عذرة فمرسل وعن مجهول ثم لو صح لكان مخالفا لقول مالك. والشافعي لأنهما لا يريان الاستسعاء، وأما خبر أبي يحيى المالكي فهالك لأنه مرسل وعن حجاج وهو ساقط، ثم لو صح لكان مخالفا لقول مالك. والشافعي * وأما حديث أبي هريرة ففيه طلحة بن عمرو المكي وهو كذاب * وأما حديث قتادة فمرسل ثم لو صح لم يكن لهم فيه حجة لان البخل بحق الله تعالى لا نخالفهم انه لا يحل وان ذعذعة المال ههنا وههنا لا تجوز عندنا لا في صحة ولا في مرض فليس ذلك الخبر مخالفا (1) لقولنا * وأما حديث أبي قلابة فمرسل، وكذلك حديث سليمان بن موسى * وأما حديث أبي بكر فسنده غير مشهور ولا ندري حال حفص بن عمر بن ميمون ثم لو صح هو وجميع الآثار التي ذكرنا لم يكن لهم في شئ منهما حجة أصلا لأنه ليس فيها كلها الا أن الله عز وجل تصدق علينا عند موتنا بثلث أموالنا، فهذا يخرج على أنه الوصية التي هي بلا خلاف نافذة بعد الموت ومعروف في اللغة التي بها خاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العرب تقول: كان أمر كذا عند موت فلان وارتدت العرب عند موت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وولى عمر عند موت أبى بكر هذا أمر معروف مشهور، فجميع هذه الأخبار خارجة على هذا أحسن خروج. وموافقة لقولنا على الحقيقة حاشا خبر العلاء بن بدر عن أبي يحيى المكي فإنه لا يخرج لا على قولنا ولا على قول أحد منهم فليس لهم أن يحتجوا بخبر يخالفونه لان أبا حنيفة يقول:
إن كان الدين لا يستغرق جميع قيمة العبد فإنما يسعى في الدين فقط ثم في ثلثي ما يبقى من قيمته بعد الدين فقط وهو قولنا إذا أوصى بعتقه ونحن نقول: إن كان الدين يستغرق جميع قيمته فالعتق باطل وهو قول مالك. والشافعي، فكل طائفة منهم قد خالفت ذلك الحديث ثم جميعهم مخالف لجميع هذه الآثار لأنه ليس فيها إلا عند موته وعند موتكم وليس في شئ منها ذكر لمرض أصلا فالمرض شئ زادوه بآرائهم ليس في شئ من الآثار نص منه ولا دليل عليه، وقد يموت الصحيح فجأة ومن مرض خفيف فاقتصارهم على المرض من أين خرج؟ وهلا راعوا ما جاءت به الآثار من لفظ عند موته؟
فجعلوا من فعل ذلك عند موته صحيحا فعله أو مريضا من الثلث وجعلوا ما فعلوا في صحته أو مرضه مما تأخر عند موته من رأس ماله * فظهر أن جميع هذه الآثار مخالفة لقولهم وانها من النوع الذي احتجوا به لأقوال لهم ليس منها شئ فيما احتجوا له به،