ومنعتم من النقد هذا عجب لا نظير له، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا آنفا الامر ببيع التمر الجمع بسلعة ثم يبتاع بالسلعة جنيبا من التمر، وهذا هو الذي منعوا نفسه * ومن طريق الحجاج ابن المنهال نا يزيد بن إبراهيم - هو التستري - نا محمد بن سيرين قال: خطب عمر بن الخطاب فقال: ألا ان الدرهم بالدرهم. والدينار بالدينار عينا بعين سواء بسواء مثلا بمثل فقال له عبد الرحمن بن عوف: تزيف علينا أو راقنا (1) فنعطي الخبيث ونأخذ الطيب فقال عمر: لا ولكن ابتع بها عرضا فإذا قبضته وكان لك فبعه واهضم ما شئت وخذ أي نقد شئت، فهذا عمر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم لا مخالف له منهم يأمر ببيع الدراهم أو الدنانير بسلعة ثم يبيعها (2) بما شاء من ذلك أثر ابتياعه للعرض ولم يقل من غير من تبتاع منه العرض * روينا من طريق سعيد بن منصور نا هشيم عن سليمان بن بشير قال أعطاني الأسود بن يزيد دراهم وقال لي:
اشتر لي بها دنانير ثم اشتر لي بالدنانير دراهم كذا وكذا قال: فبعتها من رجل فقبضت الدنانير وطلبت في السوق حتى عرفت السعر فرجعت إلى بيعتي (3) فبعتها منه بالدراهم التي أردت فذكرت ذلك للأسود بن يزيد فلم يربه بأسا * قال أبو محمد: وكرهه ابن سيرين وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: إنما الربا على من أراد أن يربى وينسئ رويناه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يونس ابن عبيد عن ابن سيرين عن عمر * قال على: ومن عجائب حججهم هنا أنهم قالوا: إنما أراد بالربا دراهم بأكثر منها فتخيل بأن صرفها بدنانير ثم صرف الدنانير بدراهم فقلنا: بارك الله فيه من ورع خائف لمقام ربه ولمن خاف مقام ربه جنتان، أراد الربا فتركه وهرب عنه إلى الحلال هذا فاضل جدا وعمل جيد لاعدمناه فنراكم جعلتم المعروف منكرا، وهل هذا الا كمن أراد الزنا بامرأة فلم يفعل لكن تزوجها أو اشتراها إن كانت أمة فوطئها أما هذا محسن مطيع لله تعالى؟ * 1501 مسألة والتواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة وفى بيع الفضة بالفضة. وفى سائر الأصناف الأربعة بعضها ببعض جائز تبايعا بعد ذلك أو لم يتبايعا لان التواعد ليس بيعا، وكذلك المساومة أيضا جائزة تبايعا أو لم يتبايعا لأنه لم يأت نهى عن شئ من ذلك، وكل ما حرم علينا فقد فصل باسمه قال تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم) فكل ما لم يفصل لنا تحريمه فهو حلال بنص القرآن إذ ليس في الدين الافرض أو حرام أو حلال فالفرض مأمور به في القرآن والسنة والحرام مفصل باسمه في القرآن والسنة، وما عدا هذين فليس فرضا ولا حراما فهو بالضرورة حلال إذ ليس هنا لك قسم رابع