1235 مسألة ولا يجوز أن يشترط في بيع ولا في لم ولا في مداينة أصلا أعطاء ضامن، ولا يجوز أن يكلف أحد في خصومة اعطاء ضامن به لئلا يهرب، ولا يجوز أن يكلف من وجب له حق من ميراث أو غيره ضامنا، وكل ذلك جور وباطل لأنه كله شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل، ولأنه تكليف ما لم يأن قط نص من الله تعالى ولا من رسوله عليه السلام بايجابه فهو شرع لم يأذن به الله تعالى، فان احتج من يجيز ذلك أو بعضه بالخبر الذي رويناه من طريق عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبيه عن أبي هريرة: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فذكر كلاما وفيه فقال: ائتني بالكفيل فقال: كفى بالله كفيلا فقال:
صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبا [يركبها] (1) يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها ثم ادخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ثم زجج (2) موضعها ثم أتى بها إلى البحر فذكر كلاما وفيه فرمى بها إلى البحر) وذكر باقي الخبر، وذكر البخاري هذا الخبر منقطعا غير متصل، فان هذا خبر لا يصح لأنه من طريق عبد الله بن صالح وهو ضعيف جدا، ثم لو صح لم يكن لهم فيه حجة لأنه شريعة غير شريعتنا ولا يلزمنا غير شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) والعجب أنهم أول مخالف له فإنهم لا يجيزون البتة لا حدان يقذف ماله في البحر لعله يبلغ إلى غريمه بل يقضون على من فعل هذا بالسفه ويحجرون عليه ويؤدبونه (3) فكيف يستسهل ذو حياء ان يحتج على خصمه بما هو أول مخالف له وحسبنا الله ونعم الوكيل * 1236 مسألة ولا يجوز ضمان الوجه أصلا لا في مال ولا في حدو لا في شئ من الأشياء لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، ومن طريق النظر اننا نسألهم عمن تكفل بالوجه فقط فغاب المكفول ماذا تصنعون بالضامن لوجهه أتلزمونه غرامة ما على المضمون فهذا جور وأكل مال بالباطل لأنه لم يلتزمه قط أم تتركونه؟ فقد أبطلتم الضمان بالوجه الذي جاذبتم (4) فيه الخصوم وحكمتم بأنه لا معنى له أم تكلفونه طلبه؟ فهذا تكليف الحرج وما لا طاقة له به وما لم يكلفه الله تعالى إياه قط ولا منفعة فيه ولعله يزول عن موضعكم ولا يطلبه ولكن يشتغل بما يعنيه، وقولنا هذا هو أحد